للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قَوْله - تَعَالَى -: {إِن يمسسكم قرح} تقْرَأ: بِفَتْح الْقَاف، وضمنها، وَقَالَ الْفراء: الْقرح - بِالْفَتْح -: الْجراحَة، والقرح: الْأَلَم، وَقَالَ الْكسَائي: هما عبارتان عَن معنى وَاحِد. وَالْأَكْثَرُونَ على القَوْل الأول، وَقَوله: {إِن يمسسكم قرح} خطاب للْمُسلمين فِيمَا مسهم يَوْم أحد {فقد مس الْقَوْم قرح مثله} أَي: مس الْكفَّار يَوْم بدر (قرح) مثل مَا مسكم يَوْم أحد.

{وَتلك الْأَيَّام نداولها بَين النَّاس} فَتَارَة تكوم الدولة للْمُسلمين على الْكفَّار، وَتارَة للْكفَّار على الْمُسلمين، قَالَ الزّجاج: الدولة تكون للْمُسلمين على الْكفَّار، وَقد كَانَت الدولة للْكفَّار على الْمُسلمين؛ لما خالفوا أَمر الرَّسُول، فَإِن لم يخالفوا أمره كَانَت الدولة للْمُسلمين أبدا؛ لقَوْله تَعَالَى: {وَإِن جندنا لَهُم الغالبون} ؛ وَقَوله تَعَالَى: {فَإِن حزب الله هم الغالبون} .

{وليعلم الله الَّذين آمنُوا} قَرَأَ ابْن مَسْعُود: " وليبلي الله الَّذين آمنُوا "، وَالْقِرَاءَة الْمَعْرُوفَة: {وليعلم} ، فَإِن قَالَ قَائِل: مَا معنى قَوْله: {وليعلم الله الَّذين آمنُوا} ، وَهُوَ عَالم بهم أبدا؟ قيل: مَعْنَاهُ: وليعلم الصابرين على الْجِهَاد فِي مَوَاطِن الْجِهَاد ليعاملهم مُعَاملَة من يبتليهم؛ فيعلمهم، وَالْعلم بِالْجِهَادِ فِي مَوَاطِن الْجِهَاد إِنَّمَا يَقع بعد وُقُوع الْجِهَاد، وَقيل: الْعلم الأول: علم الْغَيْب، وَقَوله: {وليعلم} يَعْنِي: علم الْمُشَاهدَة، والوقوع والمجازة على علم الْوُقُوع لَا على علم الْغَيْب.

{ويتخذ مِنْكُم شُهَدَاء وَالله لَا يحب الظَّالِمين} يَعْنِي: أَنه مَا جعل الْيَد للْكفَّار يَوْم أحد لحبه إيَّاهُم؛ وَلَكِن ليبتليكم، ويجعلكم شُهَدَاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>