قَوْله تَعَالَى:{وَقَالَ الَّذين كفرُوا رَبنَا أرنا اللَّذين أضلانا من الْجِنّ وَالْإِنْس} قَالَ أهل التَّفْسِير: الَّذِي من الْجِنّ هُوَ إِبْلِيس، وَالَّذِي من الْإِنْس قابيل الَّذِي قتل هابيل، وهما أول من سنّ الْمعْصِيَة من الْجِنّ وَالْإِنْس، وَهَذَا هُوَ القَوْل الْمَشْهُور، وَهُوَ محكي عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ ذكره الْأَزْهَرِي بِإِسْنَادِهِ. وَفِي الْآيَة قَول آخر: وَهُوَ أَن المُرَاد كل دَاع إِلَى الضَّلَالَة من الْجِنّ وَالْإِنْس. وَفِي بعض الْآثَار: أَنه مَا من أحد من الْجِنّ يعْمل شرا إِلَّا ويلعن إِبْلِيس عِنْد مَوته، وَمَا من أحد من الْإِنْس يعْمل شرا إِلَّا ويلعن ابْن آدم عِنْد مَوته، وَهُوَ قابيل. وَيُقَال: يلعنهما كل عَامل بِالشَّرِّ؛ لِأَنَّهُمَا اللَّذَان سنا الشَّرّ والمعاصي.
وَأما قَوْله:{رَبنَا أرنا} قيل مَعْنَاهُ: أعطنا، وَقيل معنى قَوْله:{أرنا} أَي: دلنا عَلَيْهِمَا، وَهُوَ الأولى. وَعَن السدى قَالَ: مَا من كَافِر يدْخل النَّار إِلَّا وَهُوَ يلعن إِبْلِيس؛ لِأَنَّهُ أول من سنّ الْكفْر، وَمَا من عَاص يدْخل النَّار إِلَّا ويلعن قابيل؛ لِأَنَّهُ أول من سنّ الْمعْصِيَة.