قَوْله تَعَالَى:{قد مكر الَّذين من قبلهم} مَعْنَاهُ: قد أشرك الَّذين من قبلهم، وَقيل: الْمَكْر هُوَ التَّدْبِير الْفَاسِد.
وَقَوله:{فَأتى الله بنيانهم من الْقَوَاعِد} وَهَذَا مَذْكُور على طَرِيق التَّمْثِيل، يَعْنِي: قلع الله مَكْرهمْ من أَصله، ورد وبال مَكْرهمْ وضرره عَلَيْهِم، وَإِلَّا فَلَيْسَ ثمَّ بُنيان وَلَا أساس وَلَا سقف.
وَالْقَوْل الثَّانِي فِي الْآيَة: أَن الْآيَة نزلت فِي نمروذ بن كنعان لما بنى الصرح ليصعد إِلَى السَّمَاء، وَفِي الْقِصَّة: أَنه بنى قصرا طوله فِي السَّمَاء فرسخان، وَقيل: كَانَ خَمْسَة آلَاف ذِرَاع وَزِيَادَة شَيْء، وَعرضه ثَلَاثَة آلَاف ذِرَاع؛ فَبعث الله جِبْرِيل - عَلَيْهِ السَّلَام - فَرمى بِرَأْسِهِ فِي الْبَحْر، ثمَّ خرب الْبَاقِي؛ فَسقط عَلَيْهِم وهم تَحْتَهُ، فَهَذَا معنى قَوْله:{فَأتى الله بنيانهم من الْقَوَاعِد فَخر عَلَيْهِم السّقف من فَوْقهم} وَهَذَا محكي عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا -.
فَإِن قيل: قَالَ: {فَخر عَلَيْهِم السّقف من فَوْقهم} فأيش معنى قَوْله: {من فَوْقهم} وَقد فهم الْمَعْنى بقوله: {فَخر عَلَيْهِم السّقف} ؟ وَالْجَوَاب: أَن ذَلِك مَذْكُور على طَرِيق التَّأْكِيد مثل قَوْله تَعَالَى: {يَقُولُونَ بأفواههم مَا لَيْسَ فِي قُلُوبهم} ، وَمثل قَوْله:{فويل للَّذين يَكْتُبُونَ الْكتاب بِأَيْدِيهِم} .
جَوَاب آخر ذكره ابْن الْأَنْبَارِي وَغَيره: أَن الْعَرَب تَقول: خر على فلَان بيوته، إِذا سَقَطت، وَإِن لم يكن تحتهَا، فَإِذا قَالَت: خر على فلَان بَيته من فَوْقه يفهم أَنه كَانَ