للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قَوْله تَعَالَى: {وَلَقَد صدقكُم الله وعده} أَي: وعده صدقكُم بالظفر والنصرة؛ وَقد كَانَت النُّصْرَة فِي الِابْتِدَاء للْمُسلمين يَوْم أحد {إِذْ تحسونهم بِإِذْنِهِ} أَي: تقتلونهم بِقَضَاء الله وَقدره، وألحس: الْقَتْل، وَمِنْه قَول الشَّاعِر:

(تحسهم السيوف كَمَا تسامى ... لهيب النَّار فِي أجم الحصيد)

{حَتَّى إِذا فشلتم} أَي: جبنتم، {وتنازعتم فِي الْأَمر} تَقْدِيره: حَتَّى إِذا فشلتم، تنازعتم فِي الْأَمر، و " الْوَاو " زَائِدَة قَالَه الْفراء، وَقيل: فِيهِ تَقْدِيم وَتَأْخِير وَتَقْدِيره: حَتَّى إِذا تنازعتم فِي الْأَمر، فشلتم {وعصيتم من بعد مَا أَرَاكُم مَا تحبون} يَعْنِي: من الظفر وَالْغنيمَة.

{مِنْكُم من يُرِيد الدُّنْيَا ومنكم من يُرِيد الْآخِرَة} ؛ لأَنهم اخْتلفُوا على مَا سنذكر {ثمَّ صرفكم عَنْهُم ليبتليكم} أَي: [كف] أَيْدِيكُم عَنْهُم؛ ليمتحنكم، وَقيل: لينزل الْبلَاء عَلَيْكُم، {وَلَقَد عَفا عَنْكُم وَالله ذُو فضل على الْمُؤمنِينَ} ، والقصة فِي ذَلِك: " أَن رَسُول الله رأى فِي مَنَامه: أَنه لبس درعا حَصِينَة حِين نزل الْمُشْركُونَ بِأحد؛ فأولها على الْمَدِينَة، وشاور أَصْحَابه فِي الْخُرُوج إِلَى أحد، فَقَالُوا: إِن هَذِه بَلْدَة مَا دخل علينا فِيهَا أحد، وَلَا تبع حَتَّى قدم وَحَتَّى يخرج إِلَيْهِم، فَلبس رَسُول الله درعين، وَوضع المغفر على رَأسه، وَخرج؛ فَنَدِمُوا وَعَلمُوا أَنه كَانَ مُرَاده أَن يُقيم، فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، (إِنَّا) تبع لرأيك، وطلبوا مِنْهُ أَن يرجع إِن شَاءَ، فَقَالَ: مَا كَانَ لنَبِيّ إِذا لبس لامته أَن يَنْزِعهَا حَتَّى يُقَاتل، أَو يحكم الله.

وَمضى مَعَه ألف نفر، فانخذل عبد الله بن أبي بن سلول [وَأَصْحَابه] بِثلث الْجَيْش ثلثمِائة نفر، وَبَقِي سَبْعمِائة، فَلَمَّا وصل إِلَى أحد بعث قوما من الرُّمَاة، وأجلسهم على مَوضِع من جبل يخَاف مِنْهُ الكمين، وَأمر عَلَيْهِم عبد الله بن جُبَير الْأنْصَارِيّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>