قَوْله تَعَالَى {واسألهم عَن الْقرْيَة} هَذَا سُؤال توبيخ وتقريع لَا سُؤال استعلام، وَاخْتلفُوا فِي تِلْكَ الْقرْيَة، قَالَ ابْن عَبَّاس: هِيَ الأيلة. وَقَالَ الزُّهْرِيّ: هِيَ طبرية الشَّام. وَقيل: إِنَّهَا مَدين {الَّتِي كَانَت حَاضِرَة الْبَحْر} أَي: مجاورة الْبَحْر {إِذْ يعدون فِي السبت} أَي: يجاوزون أَمر الله فِي السبت، وَكَانَ الله - تَعَالَى - حرم عَلَيْهِم أَن يعملوا فِي السبت عملا سوى الْعِبَادَة.
{إِذْ تأتيهم حيتانهم يَوْم سبتهم شرعا} أَي: ظَاهِرَة، قَالَه ابْن عَبَّاس، وَمِنْه الشوارع لظهورها، وَقيل: هُوَ من الشُّرُوع، وَهُوَ الدُّخُول، فَيكون مَعْنَاهُ أَن تِلْكَ الْقرْيَة كَانَ بجنبها خليج الْبَحْر، فتدخله الْحيتَان يَوْم السبت وَلَا تدخله فِي سَائِر الْأَيَّام. وَفِي الْقِصَّة: أَنَّهَا كَانَت تأتيهم مثل الكباش السمان الْبيض يَوْم السبت تشرع إِلَى أَبْوَابهم، ثمَّ لَا يرى شَيْء مِنْهَا فِي غير يَوْم السبت فَذَلِك قَوْله: {وَيَوْم لَا يسبتون لَا تأتيهم} وَقَرَأَ الْحسن: " لَا يسبتون " بِضَم الْيَاء، أَي: لَا يدْخلُونَ فِي السبت، وَالْمَعْرُوف: " لَا يسبتون " وَمَعْنَاهُ: لَا يعظمون السبت، يُقَال: (أسبت) إِذا دخل السبت، وسبت إِذا عظم السبت، يَعْنِي: وَيَوْم لَا يعظمون السبت {لَا تأتيهم} وعَلى قِرَاءَة الْحسن: وَيَوْم لَا يدْخلُونَ السبت لَا تأتيهم، وَكَانَ ذَلِك ابتلاء من الله - تَعَالَى - لَهُم كَمَا قَالَ: {كَذَلِك نبلوهم} أَي: نختبرهم {بِمَا كَانُوا يفسقون} .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute