وَقَوله: {وَالْبَحْر الْمَسْجُور} أشهر الْأَقَاوِيل فِيهِ أَنه الممتلئ. وَعَن ربيع بن أنس فِي قَوْله تَعَالَى: {وَكَانَ عَرْشه على المَاء} قَالَ: إِن الله تَعَالَى جعل ذَلِك المَاء نِصْفَيْنِ حِين خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض، فَجعل نصفا مِنْهُ تَحت الأَرْض السَّابِعَة وَنصفا مِنْهُ تَحت الْعَرْش، فَإِذا كَانَ بَين النفختين ينزل الله مِنْهُ قطرا على الأَرْض، فينبت بِهِ الأجساد فِي الْقُبُور.
وَالْقَوْل الثَّانِي فِي الْآيَة: أَن الْبَحْر الْمَسْجُور هُوَ المفجور على مَا قَالَ الله تَعَالَى فِي مَوضِع آخر: {وَإِذا الْبحار فجرت} وتفجيرها هُوَ بسطها وإرسالها على الأَرْض. وَقد رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: الْبَحْر الْمَسْجُور هُوَ الْمُرْسل، وَذَلِكَ لِمَعْنى مَا بَينا.
وَالْقَوْل الثَّالِث: أَن الْبَحْر الْمَسْجُور هُوَ الموقد نَارا، من قَوْلهم: سجرت التَّنور. وَعَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ لكعب الْأَحْبَار: أَيْن جَهَنَّم؟ قَالَ: هُوَ الْبَحْر، فَقَالَ: مَا أَرَاك إِلَّا صَادِقا، وَقَرَأَ قَوْله تَعَالَى: {وَإِذا الْبحار سجرت}
وَالْقَوْل الرَّابِع: أَن الْبَحْر الْمَسْجُور هُوَ الْبَحْر الَّذِي يبس مَاؤُهُ وَذهب، كَأَن بحار الأَرْض تفرغ عَن المَاء يَوْم الْقِيَامَة. وَعبر بَعضهم عَن هَذَا الْبَحْر الْمَسْجُور بالفارغ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute