للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قَوْله - تَعَالَى -: {لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم} إِنَّمَا عقب تِلْكَ الْآيَة بِهَذِهِ؛ لِأَن الْقَوْم الَّذين تشاوروا أَن يترهبوا كَانُوا قد حلفوا؛ فَبين حكم الْإِيمَان، واللغو: هُوَ المطرح الَّذِي لَا يعبأ بِهِ، وَعَن عَائِشَة: أَن لَغْو الْيَمين: قَول الْإِنْسَان: لَا وَالله، وبلى وَالله، وَاخْتَارَهُ الشَّافِعِي، وَقَالَ ابْن عَبَّاس، وَأَبُو هُرَيْرَة: لَغْو الْيَمين: هُوَ أَن يحلف على شَيْء على ظن أَنه كَذَلِك فَإِذا هُوَ على خِلَافه، وَاخْتلف الْعلمَاء فِي وجوب الْكَفَّارَة فِي يَمِين اللَّغْو، قَالَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ: تجب فِيهَا الْكَفَّارَة، وَقَوله: {لَا يُؤَاخِذكُم} يَعْنِي: فِي الْقِيَامَة. وَسَائِر الْعلمَاء على أَن لَا كَفَّارَة فِي يَمِين اللَّغْو؛ لظَاهِر الْقُرْآن {وَلَكِن يُؤَاخِذكُم بِمَا عقدتم الْأَيْمَان} فِيهِ ثَلَاث قراءات: {عقدتم} بِالتَّخْفِيفِ قِرَاءَة الْكسَائي وَحَمْزَة وَأَبُو بكر. و {عقدتم} بِالتَّشْدِيدِ قَرَأَهُ أَبُو عَمْرو وَمن بَقِي، غير ابْن ذكْوَان، و {عاقدتم} قِرَاءَة ابْن عَامر بِرِوَايَة ابْن ذكْوَان.

قَالَ الْكسَائي: عقدتم، أَي: أوجبتم، وَقَالَ أَبُو عَمْرو: عقدتم، أَي: وكدتم، وَاخْتلفُوا فِي هَذَا التوكيد، قَالَ ابْن جريج: سَأَلت عَطاء عَن قَوْله: {عقدتم} أَنه مَاذَا؟ فَقَالَ: هُوَ قَول الْقَائِل: وَالله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ؛ كَأَنَّهُ فسر التوكيد بِهِ، وروى نَافِع عَن ابْن عمر: أَن توكيد الْيَمين بالتكرار، قَالَ نَافِع: وَكَانَ ابْن عمر إِذا وكد الْيَمين أعتق رَقَبَة، وَإِذا لم يوكد: أطْعم الْمَسَاكِين فِي كَفَّارَته. {فكفارته إطْعَام عشرَة مَسَاكِين} على قَول النَّخعِيّ يرجع هَذَا إِلَى يَمِين اللَّغْو، وعَلى قَول البَاقِينَ يرجع إِلَى الْيَمين المعقودة، وَهِي الْمَقْصُودَة، وَعقد الْيَمين: هُوَ الْقَصْد بِالْقَلْبِ، وَالذكر بِاللِّسَانِ. {من أَوسط مَا تطْعمُونَ أهليكم} قَالَ ابْن عمر: الْأَوْسَط هُوَ الْخبز وَالزَّيْت، أَو الْخبز

<<  <  ج: ص:  >  >>