قَوْله تَعَالَى: {وَقَالَ للَّذي ظن أَنه نَاجٍ مِنْهُمَا} مَعْنَاهُ: أَنه (أَيقَن) أَنه نَاجٍ مِنْهُمَا {اذْكُرْنِي عِنْد رَبك} أَي: عِنْد سيدك، فَروِيَ أَنه قَالَ لَهُ: قل للْملك: إِن فِي السجْن رجلا مَظْلُوما قد طَال حَبسه. وَقَوله: {فأنساه الشَّيْطَان ذكر ربه} الْأَكْثَرُونَ: مَعْنَاهُ: فأنسى يُوسُف الشَّيْطَان ذكر ربه حَتَّى اسْتَغَاثَ بمخلوق مثله، وَهَذَا قَول ابْن عَبَّاس وَغَيره.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن الشَّيْطَان أنسى الرجل الَّذِي خلي من السجْن ذكر يُوسُف لسَيِّده.
وَقَوله: {فَلبث فِي السجْن بضع سِنِين} الْأَكْثَرُونَ: على أَن بضع سِنِين هَاهُنَا: سبع سِنِين وَقد كَانَ لبث من قبل خمس سِنِين؛ فَمَكثَ فِيهِ [اثْنَتَيْ عشرَة] سنة. وَقَالَ الْأَخْفَش: الْبضْع: من الْوَاحِد إِلَى الْعشْرَة، وَقيل: من ثَلَاث إِلَى التسع؛ فَروِيَ: أَن الله تَعَالَى بعث جِبْرِيل إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: قل يَا يُوسُف من حببك إِلَى أَبِيك؟ فَقَالَ: أَنْت يَا رب، فَقَالَ: من خلصك من الْجب؟ قَالَ: أَنْت يَا رب، قَالَ: من صرف عَنْك السوء والفحشاء؟ قَالَ: أَنْت يَا رب، قَالَ: فَمَا استحييت مني أَن استعنت بمخلوق؟ {وَعِزَّتِي لأطيلن مكثك فِي السجْن. وَرُوِيَ أَنه قَالَ: يَا رب بِحَق آبَائِي اغْفِر لي ذَنبي، فجَاء جِبْرِيل وَقَالَ لَهُ: وَأي حق لآبائك عَليّ؟} أما جدك إِبْرَاهِيم: فقد جعلت النَّار عَلَيْهِ بردا وَسلَامًا، وَأما إِسْمَاعِيل: ففديته بكبش عَظِيم، وَأما أَبوك يَعْقُوب: (فأعطيته) اثْنَي عشر ابْنا وَأخذت مِنْهُم وَاحِدًا، فَمَا زَالَ يبكي حَتَّى ابْيَضَّتْ عَيناهُ وَجعل يشكوني، فَقَالَ يُوسُف: إلهي بمنك الْقَدِيم وفضلك الْعَظِيم وأياديك الْكَثِيرَة اغْفِر لي ذَنبي، فغفر لَهُ. وَرُوِيَ عَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَنه قَالَ: دخل جِبْرِيل على
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute