قَوْله تَعَالَى: {ويجعلون لله مَا يكْرهُونَ} يَعْنِي: الْبَنَات. وَقَوله: {وتصف ألسنتهم الْكَذِب} معنى الْكَذِب الْمَذْكُور هُوَ قَوْلهم: {أَن لَهُم الْحسنى} .
وَفِي الْحسنى قَولَانِ: أَحدهمَا: أَنَّهَا البنون، وَالْآخر: أَنَّهَا الْجنَّة. وَقَوله: {لَا جرم أَن لَهُم النَّار} " لَا " رد لقَولهم. وَقَوله: {جرم} أَي: حَقًا، وَقيل: لَا محَالة أَن لَهُم النَّار، وَقيل: لَا بُد، وَقد بَينا أَن رجم بِمَعْنى كسب، وَذكرنَا عَلَيْهِ الاستشهاد.
وَقَوله: {وَأَنَّهُمْ مفرطون} أَكثر الْقُرَّاء قرأوا بِفَتْح الرَّاء، وَقَرَأَ نَافِع: " مفرطون " بِالْكَسْرِ، وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَر الْمدنِي: " مفرِّطون " بتَشْديد الرَّاء.
وَاخْتلف القَوْل فِي معنى قَوْله: {مفرطون} بِفَتْح الرَّاء، قَالَ سعيد بن جُبَير وَمُجاهد: منسيون، وعنهما: متروكون، وَقيل: مضيعون، وَعَن الْحسن الْبَصْرِيّ، مقدمون إِلَى النَّار، وَمِنْه الفارط، وَهُوَ الَّذِي يتَقَدَّم إِلَى المَاء، قَالَ الشَّاعِر:
(استعجلونا فَكَانُوا من صحابتنا ... كَمَا تقدم فراط لوراد)
وَقد ثَبت عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " أَنا فَرَطكُمْ على الْحَوْض " أَي: متقدمكم، وَاخْتَارَ الْكسَائي وَأَبُو عُبَيْدَة وَالْفراء معنى قَول مُجَاهِد.
وَأما قَوْله: " مفرطون " بِكَسْر الرَّاء، هُوَ من الإفراط، يَعْنِي: مبالغون فِي الْإِسَاءَة، وَأما قَوْله: " مفرطون " هُوَ من التَّفْرِيط، يَعْنِي: أَنهم مقصرون.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute