قَوْله تَعَالَى: {وَإِذ زين لَهُم الشَّيْطَان أَعْمَالهم وَقَالَ لَا غَالب لكم الْيَوْم من النَّاس} الْآيَة. رُوِيَ أَن إِبْلِيس - عَلَيْهِ مَا يسْتَحق - تمثل فِي صُورَة سراقَة بن مَالك وَقَالَ للْمُشْرِكين: {وَإِنِّي جَار لكم} مَعْنَاهُ: مجير لكم من بني كنَانَة، فَلَا يُصِيبكُم مِنْهُم سوء، ثمَّ جعل يحرضهم على الْقِتَال {فَلَمَّا تراءت الفئتان} أَي: تلاقت الفئتان، الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُشْرِكُونَ {نكص على عَقِبَيْهِ} رَجَعَ الْقَهْقَرِي على عَقِبَيْهِ {وَقَالَ إِنِّي بَرِيء مِنْكُم} فِي الْقِصَّة: أَنه كَانَ آخِذا بيد الْحَارِث بن هِشَام أخي أبي جهل، فَلَمَّا رأى الْمَلَائِكَة ينزلون من السَّمَاء يقدمهم جِبْرِيل - عَلَيْهِ السَّلَام - نزع يَده من يَد الْحَارِث وهرب، فَقَالَ لَهُ الْحَارِث: أفرارا من غير قتال؟ وَجعل يمسِكهُ، فَدفع فِي صَدره وَقَالَ: {إِنِّي أرى مَا لَا ترَوْنَ} وهرب {إِنِّي أَخَاف الله} .
فَإِن قَالَ قَائِل: كَيفَ قَالَ إِنِّي أَخَاف الله وَقد ترك السُّجُود لآدَم وَهُوَ لم يخف الله؟ الْجَواب فِيهِ قَولَانِ:
أَحدهمَا: أَنه قَالَ هَذَا كذبا، وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنه خَافَ أَن يُؤْخَذ فيفتضح بَين الْإِنْس. وَمِنْهُم من قَالَ: خَافَ أَنه قد حضر أَجله {وَالله شَدِيد الْعقَاب} .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute