قَوْله تَعَالَى: {لكل أمة جعلنَا منسكا} بِفَتْح السِّين، وقرىء: " منسكا " بِكَسْرِهَا، فالمنسك بِالْكَسْرِ مَوضِع النّسك، كالمجلس مَوضِع الْجُلُوس، وَأما المنسك بِالْفَتْح هُوَ على الْمصدر للنسك، قَالَ الْفراء: المنسك بِالْفَتْح مَوضِع الْعِبَادَة، والمناسك مَوَاضِع أَرْكَان الْحَج، وَيُقَال: المنسك: المذبح، وَعَن ابْن عَبَّاس: منسكا أَي: عيدا، وَقيل: منسكا أَي: شَرِيعَة وملة.
وَقَوله: {هم ناسكوه} أَي: عاملون بهَا.
وَقَوله: {فَلَا ينازعنك فِي الْأَمر} منازعتهم أَنهم قَالُوا: أتأكلون مِمَّا قَتَلْتُمُوهُ، وَلَا تَأْكُلُونَ مِمَّا قَتله الله؟
وَقَالَ الزّجاج: معنى قَوْله: {فَلَا ينازعنك فِي الْأَمر} أَي: فَلَا تنازعهم، قَالَ: وَهَذَا مُسْتَقِيم فِي كل مَا لَا يكون إِلَّا بَين اثْنَيْنِ، يجوز أَن يُقَال: لَا يخاصمنك فلَان أَي: لَا تخاصمه، وَلَا يجوز أَن يُقَال: لَا يضربنك فلَان بِمَعْنى لَا تضربه؛ لِأَن الضَّرْب إِنَّمَا يكون من الْوَاحِد، وَإِنَّمَا قَالَ الزّجاج هَذَا؛ لِأَن قَوْله: {فَلَا ينازعنك} إِخْبَار، وَقد نازعوه، وَلَا يجوز الْخلاف فِي خبر الله تَعَالَى، فَذكر أَن الْمَعْنى: فَلَا تنازعهم؛ ليَكُون أمرا لَا خَبرا، وقرىء: " فَلَا ينزعنك فِي الْأَمر " أَي: لَا يغلبنك.
وَقَوله: {وادع إِلَى رَبك إِنَّك لعلى هدى مُسْتَقِيم} أَي: دين مُسْتَقِيم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute