للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قَوْله تَعَالَى: {إِن ربكُم الله الَّذِي خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض فِي سِتَّة أَيَّام} .

قَالَ مُجَاهِد: هِيَ من يَوْم الْأَحَد إِلَى الْجُمُعَة، فَإِن قيل: كَيفَ قَالَ: فِي سِتَّة أَيَّام، وَلم تكن أَيَّام حِين خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض؟ قيل: وَمَا يُدْرِينَا أَنَّهَا لم تكن، بل كَانَت؛ فَإِن الله - تَعَالَى - أخبر، وَقَوله وَخَبره صدق، وَقيل: يجوز أَن يكون المُرَاد بِهِ على تَقْدِير سِتَّة أَيَّام، فَإِن قيل: وَمَا الْحِكْمَة فِي خلقهَا فِي سِتَّة أَيَّام، وَكَانَ قَادِرًا على خلقهَا فِي طرفَة عين؟ قيل: لِأَن خلقهَا على التأني أدل على الْحِكْمَة، فخلقها على التأني ليَكُون أدل على حكمته، ولطف تَدْبيره، وَفِيه أَيْضا تَعْلِيم النَّاس، وتنبيه الْعباد على التأني فِي الْأُمُور، وَفِي الْخَبَر " التأني من الله، والعجلة من الشَّيْطَان ".

{ثمَّ اسْتَوَى على الْعَرْش} أول الْمُعْتَزلَة الاسْتوَاء بِالِاسْتِيلَاءِ، وأنشدوا فِيهِ:

(قد اسْتَوَى بشر على الْعرَاق ... من غير سيف وَدم مهراق)

(وَأما أهل السّنة فيتبرءون من هَذَا التَّأْوِيل، وَيَقُولُونَ: إِن الاسْتوَاء على الْعَرْش صفة لله - تَعَالَى - بِلَا كَيفَ، وَالْإِيمَان بِهِ وَاجِب، كَذَلِك يحْكى عَن مَالك بن أنس، وَغَيره من السّلف، أَنهم قَالُوا فِي هَذِه الْآيَة: الْإِيمَان بِهِ وَاجِب، وَالسُّؤَال عَنهُ بِدعَة.

{يغشى اللَّيْل النَّهَار} أَي: يُغطي اللَّيْل على النَّهَار، وَفِيه حذف، وَتَقْدِيره: يغشي اللَّيْل النَّهَار، ويغشي النَّهَار اللَّيْل؛ كَمَا قَالَ فِي آيَة أُخْرَى: ( {يكور اللَّيْل على النَّهَار ويكور النَّهَار على اللَّيْل} يَطْلُبهُ حثيثا) أَي: سَرِيعا، وَذَلِكَ أَنه لما كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>