للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قَوْله تَعَالَى: {واقصد فِي مشيك} يَعْنِي: أسْرع فِي مشيك، وَيُقَال مَعْنَاهُ: واقصد فِي مشيك أَي: لَا تسرع فِي مشيتك، وَفِي بعض الْأَخْبَار عَن النَّبِي قَالَ: " سرعَة الْمَشْي تذْهب بهَا الْوَجْه ".

وَقَوله: {واغضض من صَوْتك} أَي: لَا تجْهر، وَمعنى اغضض أَي: انقص. يُقَال: غض فلَان من فلَان أَي: نقص من حَقه.

وَقَوله: {إِن أنكر الْأَصْوَات لصوت الْحمير} أَي: أقبح الْأَصْوَات لصوت الْحمير. يُقَال: جَاءَنِي فلَان بِوَجْه مُنكر أَي: قَبِيح، فَإِن قَالَ قَائِل: لم جعل صَوت الْحمار أقبح الْأَصْوَات؟ وَالْجَوَاب عَنهُ إِنَّمَا جعله أقبح الْأَصْوَات، لِأَن أَوله زفير، وَآخره شهيق، والزفير والشهيق: صَوت أهل النَّار. وَعَن سُفْيَان الثَّوْريّ قَالَ: كل شَيْء يسبح إِلَّا الْحمار؛ فَلهَذَا جعل صَوته أقبح الْأَصْوَات.

وَذكر النقاش فِي تَفْسِيره: أَن أهل الْجَاهِلِيَّة كَانُوا يتنافسون فِي شدَّة الصَّوْت، وَكَانُوا يَقُولُونَ: من كَانَ أَجْهَر صَوتا فَهُوَ أعز عِنْد الله. وَكَانُوا يجهرون بأصواتهم ويرفعونها بغاية الْإِمْكَان، فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة، وَمَعْنَاهُ: أَنه لَيست الْعِزَّة فِي شدَّة الصَّوْت، وَلَو كَانَ من هُوَ أَشد أعز، لَكَانَ الْحمار أعز من الْكل. وَعَن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن الصَّادِق أَنه قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: {إِن أنكر الْأَصْوَات لصوت الْحمير} : هِيَ العطسة القبيحة الْمُنكرَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>