قَوْله تَعَالَى: {نَحن أعلم بِمَا يَقُولُونَ} أَي: بِمَا يَقُولُونَ من الشّرك وَالْكذب على الله وعَلى رَسُوله.
وَقَوله: {وَمَا أَنْت عَلَيْهِم بجبار} أَي: بمسلط، وَهُوَ مثل قَوْله تَعَالَى: {لست عَلَيْهِم بمسيطر} والجبار فِي صِفَات الله مَحْمُود، وَفِي صِفَات الْخلق مَذْمُوم، وَكَذَلِكَ المتكبر؛ لِأَن الْخلق أمروا بالتواضع والخشوع والخضوع ولين الْجَانِب وخفض الْجنَاح، وَأما الرب جلّ جَلَاله فيليق بِهِ الجبروت والكبرياء: لِأَنَّهُ المتعالي عَن إِدْرَاك الْخلق، القاهر لَهُم فِي كل مَا يُريدهُ، وَلم يصفه أحد حق صفته، ولأعظمه أحد حق تَعْظِيمه، وَلَا عرفه أحد حق مَعْرفَته. وَقد قيل: إِن الْجَبَّار فِي اللُّغَة هُوَ الْقِتَال، وَهُوَ فِي معنى قَوْله تَعَالَى فِي قصَّة مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام {إِن تُرِيدُ إِلَّا أَن تكون جبارا فِي الأَرْض} أَي: قتالا.
وَقَالَ بَعضهم: إِن الْآيَة مَنْسُوخَة، وَهِي قبل نزُول آيَة السَّيْف، نسختها آيَة السَّيْف. وَفِي بعض التفاسير: أَن قَوْله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْركين} نسخت سبعين آيَة من الْقُرْآن.
وَقَوله: {فَذكر بِالْقُرْآنِ من يخَاف وَعِيد} أَي: عظ بِالْقُرْآنِ من يخافني. فَإِن قيل: أَلَيْسَ يوعظ بِالْقُرْآنِ الْكَافِر وَالْمُؤمن جَمِيعًا، فَكيف معنى قَوْله: {من يخَاف وَعِيد} وَالْكَافِر لَا يخَاف وَعِيد الله؟ وَالْجَوَاب: أَنه لما لم ينْتَفع بِالْقُرْآنِ إِلَّا الْمُؤمن فَكَأَنَّهُ لم يخوف بِالْقُرْآنِ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ، وَالله أعلم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute