للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا حرم عَلَيْكُم الْميتَة} " إِنَّمَا " لنفي وَالْإِثْبَات؛ لِأَنَّهَا مركبة من حرفي النَّفْي وَالْإِثْبَات " فَإِن " للإثبات " وَمَا " للنَّفْي.

تَقول: إِن فِي الدَّار زيدا. يفهم مِنْهُ وجود زيد فِي الدَّار. فَإِذا قلت: " إِنَّمَا زيد فِي الدَّار " يفهم مِنْهُ أَنه لَا أحد فِي الدَّار إِلَّا زيد.

وَأما الْميتَة: اسْم لما خرج روحه من غير ذَكَاة {وَالدَّم} مَعْرُوف وَفِيهِمَا تَخْصِيص؛ فَإِن الشَّرْع أَبَاحَ من الْميتَة: السّمك وَالْجَرَاد، وَمن الدِّمَاء: الكبد وَالطحَال.

وَقَوله تَعَالَى: {وَلحم الْخِنْزِير} أَي: الْخِنْزِير بِلَحْمِهِ وشحمه وَجَمِيع أَجْزَائِهِ.

{وَمَا أهل بِهِ لغير الله} أَي: ذبح على اسْم الْأَصْنَام، وأصل الإهلال: رفع الصَّوْت، وَكَانُوا يرفعون أَصْوَاتهم على الذَّبَائِح، قَالَ ابْن أَحْمَر:

(يهل بالفرقد ركبانها ... كَمَا يهل الرَّاكِب الْمُعْتَمِر)

قَوْله تَعَالَى: {فَمن اضْطر} يقْرَأ بقراءتين: بِكَسْر النُّون، ورفعها، فَمن قَرَأَ بِالْكَسْرِ فَهُوَ على الأَصْل وَمن قَرَأَ بِالضَّمِّ فَلَا تبَاع ضمة الطَّاء، والاضطرار إِلَى أكل الْميتَة {غير بَاغ وَلَا عَاد} قَالَ ابْن عَبَّاس وَمُجاهد: غير بَاغ أَي: غير خَارج على السُّلْطَان. {وَلَا عَاد} وَلَا مُتَعَدٍّ، عَاص فِي سَفَره. فَفِي هَذَا دَلِيل على أَن العَاصِي فِي سَفَره لَا يترخص بِأَكْل الْميتَة.

وَقَالَ الْحسن وَقَتَادَة: {غير بَاغ} أَي: غير طَالب للميتة على الشِّبَع؛ فيأكله تلذذا. {وَلَا عَاد} وَلَا مجاوزا بِأَكْلِهِ حد الْحَاجة.

{فَلَا إِثْم عَلَيْهِ إِن الله غَفُور رَحِيم} ظَاهر الْمَعْنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>