قَوْله - تَعَالَى -: {وهم ينهون عَنهُ وينئون عَنهُ} أَي: ينهون النَّاس عَن اتِّبَاع مُحَمَّد، وتباعدون عَنهُ بِأَنْفسِهِم، وَقيل: معنى قَوْله {ينهون عَنهُ} أَي: يَذبُّونَ عَنهُ، وَيمْنَعُونَ النَّاس عَن أَذَاهُ {وينئون عَنهُ} أَي: يتباعدون عَن الْإِيمَان بِهِ، وَذَلِكَ مثل أبي طَالب، كَانَ يذب عَنهُ حَال حَيَاته، قَالَ ابْن عَبَّاس: هُوَ فِي أبي طَالب. حَتَّى روى أَنه اجْتمع عَلَيْهِ رُؤَسَاء قُرَيْش، وَقَالُوا لَهُ: اختر شَابًّا من أَصْحَابنَا وجيها، واتخذه ابْنا لَك، وادفع إِلَيْنَا مُحَمَّدًا؛ فَقَالَ أَبُو طَالب: مَا أنصفتموني، أدفَع إِلَيْكُم وَلَدي ليقْتل، وأربي ولدكم؟ !
وروى أَنه قَالَ لرَسُول الله: " لَوْلَا أَن قُريْشًا تعيرني لأقررت عَيْنك بِالْإِيمَان "، وَكَانَ يذب عَنهُ إِلَى أَن توفّي، وروى: " أَنه قَرَأَ عَلَيْهِ قَوْله - تَعَالَى -: {وهم ينهون عَنهُ وينئون عَنهُ} فَقَالَ أَبُو طَالب: أما أَن أَدخل فِي دينك فَلَا أَدخل أبدا، وَلَكِنِّي أذب عَنْك مَا حييت "، وَله فِيهِ أَبْيَات:
(وَالله لن يصلوا إِلَيْك بِجَمْعِهِمْ ... حَتَّى أُوَسَّد فِي التُّرَاب دَفِينا)
(فَاصْدَعْ بِأَمْرك مَا عَلَيْك غَضَاضَة ... وأبشر بِذَاكَ وقر مِنْك عيُونا)
(وَدَعَوْتنِي وَعلمت أَنَّك ناصحي ... وصدقتني ولكنت ثمَّ أَمينا)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute