للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

{تقطع أَيْديهم وأرجلهم من خلاف أَو ينفوا من الأَرْض ذَلِك لَهُم خزي فِي الدُّنْيَا وَلَهُم فِي الْآخِرَة عَذَاب عَظِيم (٣٣) إِلَّا الَّذين تَابُوا من قبل أَن تقدروا عَلَيْهِم فاعلموا أَن الله} مَاتُوا " وَفِيهِمْ نزلت الْآيَة {إِنَّمَا جَزَاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله} .

قيل: مَعْنَاهُ يُحَاربُونَ أَوْلِيَاء الله، وَقيل: هُوَ صَحِيح فِي الْعَرَبيَّة، فَإِن من عصى غَيره فقد حاربه، فَهَؤُلَاءِ إِذا عصوا الله وَرَسُوله، فكأنهم حَاربُوا الله وَرَسُوله، وَيدخل فِي جُمْلَتهمْ كل العاصين، وقطاع الطَّرِيق، وَغَيرهم.

وَقَوله: {أَن يقتلُوا أَو يصلبوا أَو تقطع أَيْديهم} اخْتلفُوا فِيهِ، أَنه على التَّرْتِيب، أم على التَّخْيِير؟ قَالَ ابْن عَبَّاس - فِي رِوَايَة، وَهُوَ قَول الْحسن، وَقَتَادَة، وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ، وَمُجاهد -: إِنَّهَا على التَّخْيِير، فَيُخَير الإِمَام فِي فعل هَذِه الْأَشْيَاء.

القَوْل الثَّانِي: - وَهُوَ الرِّوَايَة الثَّانِيَة عَن ابْن عَبَّاس، وَبِه قَالَ أَبُو مجلز لَاحق بن حميد -: إِنَّه على التَّرْتِيب، فَإِن قتلوا: قتلوا وصلبوا، وَإِن أخذُوا المَال: قطعُوا من خلاف، وَإِن جمعُوا بَين الْأَخْذ وَالْقَتْل: قطعُوا، وَقتلُوا، إِن أخافوا السَّبِيل وَلم يَأْخُذُوا المَال وَلم يقتلُوا: ينفوا من الأَرْض.

ثمَّ اخْتلفُوا فِي النَّفْي، قَالَ الزُّهْرِيّ: إِن الإِمَام يَطْلُبهُ فِي كل بلد يُؤْخَذ، وينفى عَنهُ، وَهَكَذَا فِي كل بلد يذكر بِهِ، يطْلب؛ فينفى عَنهُ، وَهَذَا قَول الشَّافِعِي.

وَقَالَ عمر بن عبد الْعَزِيز: إِنَّه ينفى من جَمِيع بِلَاد الْإِسْلَام، وَقَالَ أهل الْكُوفَة: النَّفْي من الأَرْض هُوَ الْحَبْس، وَالْحَبْس نفي من الأَرْض، قَالَ الشَّاعِر يصف قوما محبوسين:

(خرجنَا من الدُّنْيَا وَنحن من أَهلهَا ... فلسنا من الْأَحْيَاء فِيهَا وَلَا الْمَوْتَى)

(إِذا جَاءَنَا السجان يَوْمًا لحَاجَة ... عجبنا وَقُلْنَا جَاءَ هَذَا من الدُّنْيَا)

{ذَلِك لَهُم خزي فِي الدُّنْيَا} أَي: فضيحة: ونكال ( {وَلَهُم فِي الْآخِرَة عَذَاب عَظِيم}

<<  <  ج: ص:  >  >>