{أَيْمَانهم إِنَّهُم لمعكم حبطت أَعْمَالهم فَأَصْبحُوا خاسرين (٥٣) يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا من يرْتَد مِنْكُم عَن دينه فَسَوف يَأْتِي الله بِقوم يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّة على الْمُؤمنِينَ أعزة على} وَلأَهل الْيمن أَمر عَظِيم فِي الْفتُوح الَّتِي وَقعت فِي الْإِسْلَام، وَقد صَحَّ عَن النَّبِي أَنه قَالَ:" الْإِيمَان يمَان، وَالْحكمَة يَمَانِية " وَقيل: أَرَادَ بِالْآيَةِ: قوما كَانَ أَكْثَرهم من أهل الْيمن؛ فتحُوا الْقَادِسِيَّة فِي زمَان عمر. وَالْأول أصح {أَذِلَّة على الْمُؤمنِينَ} لَيْسَ من الذل، وَإِنَّمَا هُوَ من الذلة، وَهِي اللين.
وَقَوله:{أعزة على الْكَافرين} لَيْسَ من الْعِزّ وَإِنَّمَا هُوَ من الْعِزَّة؛ وَهِي: الشدَّة، يَعْنِي: أَن جانبهم لين على الْمُؤمنِينَ، شَدِيد على الْكَافرين، وَقَرَأَ ابْن مَسْعُود:" أَذِلَّة على الْمُؤمنِينَ غلظاء على الْكَافرين " وَهِي معنى الْقِرَاءَة الْمَعْرُوفَة.
{يجاهدون فِي سَبِيل الله لَا يخَافُونَ لومة لائم} يَعْنِي: لَا يخَافُونَ فِي الله لوم النَّاس، وروى ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي أَنه قَالَ:" من أَرَادَ الْجنَّة لَا شكّ، فَلَا يخَاف فِي الله لومة لائم "{ذَلِك فضل الله يؤتيه من يَشَاء وَالله وَاسع عليم} .
قَوْله - تَعَالَى -: {إِنَّمَا وَلِيكُم الله وَرَسُوله} هَذَا رَاجع إِلَى قَوْله: {لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُود وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء} لما مَنعهم من مُوالَاة الْيَهُود وَالنَّصَارَى، دعاهم إِلَى مُوالَاة الله وَرَسُوله.