للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

{على رَسُولنَا الْبَلَاغ الْمُبين (٩٢) لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا إِذا مَا اتَّقوا وآمنوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات ثمَّ اتَّقوا وآمنوا ثمَّ اتَّقوا وأحسنوا وَالله} وَمصْعَب بن عُمَيْر اسْتشْهدُوا يَوْم أحد، وَكَانَا يشربان الْخمر، فَكيف حَالهمَا؟ فَنزلت الْآيَة وَبَين الله تَعَالَى أَنه لَا جنَاح عَلَيْهِم فِيمَا طعموا فِي حَال الْإِبَاحَة {إِذا مَا اتَّقوا وآمنوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات ثمَّ اتَّقوا وآمنوا ثمَّ اتَّقوا وأحسنوا} (فِي هَذَا مقدم معنى مُؤخر أَقْوَال) : أَحدهَا: أَن معنى الأول: إِذا مَا اتَّقوا الشّرك وآمنوا، أَي: صدقُوا، وَعمِلُوا الصَّالِحَات {ثمَّ اتَّقوا} أَي: داموا على ذَلِك التَّقْوَى {وآمنوا} أَي ازدادوا إِيمَانًا {ثمَّ اتَّقوا وأحسنوا} أَي: اتَّقوا بِالْإِحْسَانِ فِي كل محسن، وكل مُطِيع متق.

وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن التَّقْوَى الأول: اجْتِنَاب الشّرك، وَالتَّقوى الثَّانِي: اجْتِنَاب الْكَبَائِر وَالتَّقوى الثَّالِث: اجْتِنَاب الصَّغَائِر، وَهَذَانِ قَولَانِ معروفان فِي الْآيَة، وَفِي الْآيَة قَول ثَالِث: أَنه أَرَادَ بِهِ: إِذا مَا اتَّقوا قبل تَحْرِيم الْخمر، ثمَّ اتَّقوا بعد تَحْرِيم الْخمر، وَقيل هَذَا لَا يَصح؛ لِأَن قَوْله: {إِذا مَا اتَّقوا} إِنَّمَا يصلح للمستقبل لَا للماضي؛ فَإِن حرف " إِذا " للمستقبل.

{وَالله يحب الْمُحْسِنِينَ} ، روى أَن قدامَة بن مَظْعُون شرب الْخمر؛ فَدَعَاهُ عمر ليحده، فَقَالَ: أَلَيْسَ يَقُول الله - تَعَالَى -: {لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا} فَقَالَ: أَخْطَأت التَّأْوِيل، لقد قَالَ: {إِذا مَا اتَّقوا وآمنوا} وَأَنت لم تتق النَّهْي.

وروى: " أَن النَّبِي قَرَأَ هَذِه الْآيَة، ثمَّ قَالَ ابْن مَسْعُود: وأينا من هَؤُلَاءِ؟ ! "

<<  <  ج: ص:  >  >>