{النعم يحكم بِهِ ذَوا عدل مِنْكُم هَديا بَالغ الْكَعْبَة أَو كَفَّارَة طَعَام مَسَاكِين أَو عدل ذَلِك} الْجَزَاء، وَرفع اللَّام من الْمثل، وَمعنى الْكل وَاحِد، والمثلية مُعْتَبرَة فِي الْجَزَاء؛ فَيجب فِيمَا قتل مثله من النعم شبها؛ فَيجب فِي النعامة: بَدَنَة، وَفِي الأروى: بقرة، وَفِي الطير والضبع والحمامة: شَاة، وَفِي الأرنب: عنَاق، وَفِي اليربوع: جفرة، وكل هَذَا مَرْوِيّ عَن الصَّحَابَة.
{يحكم بِهِ ذَوا عدل مِنْكُم} وَفِيه دَلِيل على جَوَاز الِاجْتِهَاد فِي الْأَحْكَام {هَديا بَالغ الْكَعْبَة} نصب على التَّمْيِيز، قَوْله: {بَالغ الْكَعْبَة} يَقْتَضِي أَن يكون إِعْطَاء الْهَدْي فِي الْحرم، يفرق على مَسَاكِين الْحرم، وَهُوَ الْوَاجِب {أَو كَفَّارَة طَعَام مَسَاكِين} وَذَلِكَ أَن يقوم (الْمثل) من النعم بِالدَّرَاهِمِ، وَيَشْتَرِي بِالدَّرَاهِمِ طَعَام مَسَاكِين، وَبِه قَالَ الشَّافِعِي، وَقَالَ أَبُو حنيفَة يقوم بالصيد الْمَقْتُول أبدا {أَو عدل ذَلِك صياما} قَرَأَ عَاصِم الجحدري، وَطَلْحَة بن، مصرف: {أَو عدل ذَلِك} بِكَسْر الْعين، ثمَّ قَالَ بَعضهم: لَا فرق بَينهمَا، وَمَعْنَاهُ: الْمثل، وَفرق الْفراء بَينهمَا، فَقَالَ: الْعدْل - بِالْكَسْرِ -: الْمثل من جنسه، وَالْعدْل: الْمثل من غير جنسه، وَقد قيل: الْعدْل - بِالْفَتْح -: هُوَ الْمثل، وَالْعدْل بِالْكَسْرِ -: الْحمل، وَالْأول أصح، وَصَوْم الْعدْل: أَن يَصُوم بدل كل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مد يَوْمًا، وَقيل: يَوْمَانِ، ثمَّ هَذَا على التَّخْيِير أم على التَّرْتِيب؟
قَالَ الشّعبِيّ، وَالنَّخَعِيّ - وَهُوَ رِوَايَة عَن مُجَاهِد -: إِنَّه على التَّرْتِيب، وَقَالَ غَيرهم - وَبِه قَالَ ابْن عَبَّاس -: إِنَّه على التَّخْيِير؛ لِأَنَّهُ قَالَ: {أَو كَفَّارَة طَعَام مَسَاكِين أَو عدل ذَلِك صياما} وَكلمَة " أَو " للتَّخْيِير {ليذوق وبال أمره} أَي: شدَّة أمره {عَفا الله عَمَّا سلف} يَعْنِي: فِي الْجَاهِلِيَّة {وَمن عَاد فينتقم الله مِنْهُ وَالله عَزِيز ذُو انتقام} .
وَاخْتلف الْعلمَاء فِي الْعَامِد إِلَى قتل الصَّيْد ثَانِيًا، هَل تجب عَلَيْهِ الْكَفَّارَة ثَانِيًا، أم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute