{نَحن فتْنَة فَلَا تكفر فيتعلمون مِنْهُمَا مَا يفرقون بِهِ بَين الْمَرْء وزوجه وَمَا هم} لَهُم الله تَعَالَى: لَو أنزلتكم إِلَى الأَرْض. وَركبت فيهم مَا ركبت فِيكُم؛ لفعلتم مثل مَا فعلوا. فَاخْتَارُوا من خيارهم ملكَيْنِ؛ هاروت وماروت؛ فأنزلهما الله تَعَالَى إِلَى الأَرْض، وَأخذ عَلَيْهِمَا أَن أَلا يشركا وَلَا يقتلا، وَلَا يزنيا. قَالَ كَعْب: فَمَا مضى عَلَيْهِمَا الْيَوْم إِلَّا (وفعلا) الْكل.
وَفِي الْقِصَّة: أَن الْمُزنِيّ بهَا كَانَت زهرَة؛ فمسخت شهابا، وَرفعت إِلَى السَّمَاء، فَكَانَ ابْن عمر كلما رَآهَا لعنها.
وَفِي الْقِصَّة: أَنَّهُمَا لما ارتكبا ذَلِك خيرهما الله تَعَالَى بَين عَذَاب الدُّنْيَا وَعَذَاب الْآخِرَة؛ فاختارا عَذَاب الدُّنْيَا؛ فعلقا بِأَرْجُلِهِمَا.
قَالَ عَطاء بن أبي رَبَاح رؤوسهما [مطوية] تَحت أجنحتهما.
وَأما بابل: قَالَ ابْن مَسْعُود: هِيَ أَرض الْكُوفَة. وَقيل: هُوَ جبل دماوند. وَقيل: هُوَ من نَصِيبين إِلَى رَأس الْعين. وَإِنَّمَا سمي بابل لِأَنَّهُ تبلبلت فِيهِ الألسن. أَي: تَفَرَّقت وانتشرت فِي الْبِلَاد.
{وَمَا يعلمَانِ من أحد حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحن فتْنَة فَلَا تكفر} والفتنة: الِابْتِلَاء. وَمِنْه يُقَال: فتنت الذَّهَب فِي النَّار. أَي: اختبرته، ليتبين الْجيد من الرَّدِيء.
فَإِن قيل: مَا معنى إِنْزَال السحر على الْملكَيْنِ، وَمَا معنى تَعْلِيم السحر من الْملكَيْنِ، وَكِلَاهُمَا مستبعد؟ !
قيل: أما إِنْزَال السحر: بِمَعْنى التَّعْلِيم والإلهام يَعْنِي علما وألهما السحر.
وَقيل: هُوَ حَقِيقَة الْإِنْزَال، وَهُوَ إِنْزَال هَيْئَة السحر وكيفيته؛ لِيَنْتَهُوا عَنهُ، وَأما تَعْلِيم السحر من الْملكَيْنِ: بِمَعْنى الْإِعْلَام. وَمثله قَول الشَّاعِر:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute