{هما فِي الْغَار إِذْ يَقُول لصَاحبه لَا تحزن إِن الله مَعنا فَأنْزل الله سكينته عَلَيْهِ وأيده}
قَوْله: {إِذْ يَقُول لصَاحبه} أَي: لأبي بكر - رَضِي الله عَنهُ - بِاتِّفَاق أهل الْعلم.
وَرُوِيَ أَن النَّبِي قَالَ: " أَبُو بكر صَاحِبي فِي الْغَار، وصاحبي على الْحَوْض ".
وَعَن الْحُسَيْن بن الْفضل البَجلِيّ أَنه قَالَ: من قَالَ: إِن أَبَا بكر لَيْسَ بِصَاحِب رَسُول الله فَهُوَ كَافِر، لإنكاره نَص الْقُرْآن، وَفِي سَائِر الصَّحَابَة إِذا أنكر يكون مبتدعا وَلَا يكون كَافِرًا.
قَوْله: {لَا تحزن إِن الله مَعنا} رُوِيَ " أَن النَّبِي لما خرج مَعَ أبي بكر - رَضِي الله عَنهُ - أَمر عليا حَتَّى اضْطجع على فرَاشه، وَذكر لَهُ أَنه لَا يُصِيبهُ سوء، وَخرج مَعَ أبي بكر قبل الْغَار، وَجَاء الْمُشْركُونَ يقصدون النَّبِي فَقَامَ عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - من مضجعه فَقَالُوا لَهُ: أَيْن صَاحبك؟ قَالَ: لَا أَدْرِي، فَخَرجُوا فِي طلبه يقتفون أَثَره حَتَّى وصلوا إِلَى الْغَار، فَلَمَّا أحس أَبُو بكر - رَضِي الله عَنهُ - بهم خَافَ خوفًا شَدِيدا، وَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِن أقتل يهْلك وَاحِد، وَإِن تقتل تهْلك هَذِه الْأمة، فَقَالَ لَهُ النَّبِي: لَا تحزن إِن الله مَعنا ". وَقد ثَبت أَن النَّبِي قَالَ لَهُ: " يَا أَبَا بكر! مَا ظَنك بِاثْنَيْنِ الله ثالثهما ". وَفِي الْقِصَّة: أَن الله تَعَالَى أنبت ثُمَامَة على فَم الْغَار، وَهِي شَجَرَة صَغِيرَة، وألهم حمامة حَتَّى فرخت، وألهم عنكبوتا حَتَّى نسجت.
قَوْله تَعَالَى: {فَأنْزل الله سكينته عَلَيْهِ} فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: على النَّبِي. وَهُوَ اخْتِيَار الزّجاج.
وَالْآخر: أَنه على أبي بكر، وَهُوَ قَول الْأَكْثَرين؛ لِأَن السكينَة هَاهُنَا مَا يسكن بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute