للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

{الْحق فاعفوا واصفحوا حَتَّى يَأْتِي الله بأَمْره إِن الله على كل شَيْء قدير (١٠٩) الْكتاب {لَو يردونكم من بعد إيمَانكُمْ كفَّارًا} قيل: نزل ذَلِك فِي عمار وَحُذَيْفَة؛ فَإِن الْيَهُود دعوهم إِلَى دينهم فَقَالَ عمار: كَيفَ نقض الْعَهْد فِيكُم؟ قَالُوا: شَدِيد. قَالَ عمار: فقد عَاهَدت الله أَلا أكفر بِمُحَمد. فَقَالُوا لِحُذَيْفَة: مَا تَقول أَنْت؟ قَالَ: الله ربى وَمُحَمّد نبيي، وَالْقُرْآن إمامي. فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة.

وَقيل: هُوَ فِي حق الْكفَّار وَالْمُسْلِمين على الْعُمُوم؛ لأَنهم مازالوا يودون عود الْمُسلمين إِلَى الْكفْر.

{حسدا} وَذَلِكَ أَنهم عرفُوا أَن مُحَمَّدًا نبيي حق، وَأَنَّهُمْ باتباعه نالوا من الْإِسْلَام مَا لم ينالوه؛ فحسدوهم على دينهم.

فَإِن قيل: مَا معنى قَوْله {حسدا من عِنْد أنفسهم} وَلَا يكون الْحَسَد من عِنْد الْغَيْر؟ قيل: مَعْنَاهُ: من تلقائهم لم ينزل بِهِ كتاب وَلَا ورد بِهِ أَمر.

وَقيل: فِي الْآيَة تَقْدِيم وَتَأْخِير، وتقديرها: ود كثير من أهل الْكتاب من عِنْد أنفسهم لَو يردونكم من بعد إيمَانكُمْ كفَّارًا حسدا.

{من بعد مَا تبين لَهُم الْحق} من بعد مَا ظهر أَنه حق.

قَوْله تَعَالَى: {فاعفوا واصفحوا} الْعَفو: المحو، والصفح: الْإِعْرَاض، وَإِنَّمَا نزل هَذَا قبل آيَة الْقِتَال، ثمَّ نسخ بِآيَة الْقِتَال.

{حَتَّى يَأْتِي الله بأَمْره} يَعْنِي: بشرع الْقِتَال. وَقَالَ ابْن عَبَّاس مَعْنَاهُ: حَتَّى يَأْتِي الله بِأَمْر: من فتح قسطنطينية، ورومية، وعمورية.

وَقيل: حَتَّى يَأْتِي الله بأَمْره: من فتح قرى الْيَهُود، مثل خَبِير، وفدك، وإجلاء بني النَّضِير، وَمثل بني قُرَيْظَة.

{إِن الله على كل شَيْء قدير} أَي قَادر.

<<  <  ج: ص:  >  >>