وَرُوِيَ عَمْرو بن أبي جُنْدُب: كُنَّا عِنْد سعيد بن قيس الْهَمدَانِي، فجَاء عَليّ يتَوَكَّأ على عنزة لَهُ، فَقُلْنَا لَهُ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، أما تخَاف أَن يغتالك أحد؟ فَقَالَ: إِن الله تَعَالَى قد وكل بِابْن آدم مَلَائِكَة يَحْفَظُونَهُ، فَإِذا جَاءَ الْقدر خلوا بَينه وَبَينه.
وَفِي قَوْله:{من أَمر الله} قَول آخر، وَهُوَ أَنه على الْمَعْنى التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير، وَكَأن الله تَعَالَى قَالَ: لَهُ مُعَقِّبَات من أمره يَحْفَظُونَهُ من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه وَقيل: من أَمر الله: مِمَّا أَمر الله بِهِ من الْحِفْظ عَنهُ. وَعَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ:" لَهُ مُعَقِّبَات من بَين يَدَيْهِ ورقباء من خَلفه ". وقرى فِي الشاذ:" لَهُ معاقيب من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه ".
وَقَوله:{إِن الله لَا يُغير مَا بِقوم} مَعْنَاهُ: لَا يُغير شَيْئا بِقوم من النِّعْمَة {حَتَّى يُغيرُوا مَا بِأَنْفسِهِم} بالمعصية.
وَقَوله:{وَإِذا أَرَادَ الله بِقوم سوءا} فِي الْآيَة رد على الْقَدَرِيَّة صَرِيحًا، وَمَعْنَاهُ: بلَاء وَعَذَابًا {فَلَا مرد لَهُ} أَي: لَا راد لَهُ. {وَمَا لَهُم من دونه من وَال} أَي: من ولي يمنعهُم وَيَنْصُرهُمْ، قَالَ الشَّاعِر: