{الْحق وَالْبَاطِل فَأَما الزّبد فَيذْهب جفَاء وَأما مَا ينفع النَّاس فيمكث فِي الأَرْض كَذَلِك يضْرب الله الْأَمْثَال (١٧) للَّذين اسْتَجَابُوا لرَبهم الْحسنى وَالَّذين لم يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَو أَن لَهُم مَا فِي الأَرْض جَمِيعًا وَمثله مَعَه لافتدوا بِهِ أُولَئِكَ لَهُم سوء الْحساب ومأواهم}
وَقَوله: {زبد مثله} أَي: زبد مثل زبد المَاء {كَذَلِك يضْرب الله الْحق وَالْبَاطِل} أَي: كَذَلِك يبين الله الْحق وَالْبَاطِل بِضَرْب الْمثل، ثمَّ قَالَ: {فَأَما الزّبد فَيذْهب جفَاء} يَعْنِي ضائعا بَاطِلا، يُقَال: أجفأت الْقدر، إِذا زبدت من جوانبها، وَذهب الزّبد. وَذكر أَبُو زيد اللّغَوِيّ أَن رؤبة بن العجاج قَرَأَ: " فَأَما الزّبد فَيذْهب جفالا " وَالْمعْنَى قريب من الأول.
وَقَوله: {وَأما مَا ينفع النَّاس فيمكث} يَعْنِي: المَاء وَالذَّهَب وَالْفِضَّة وَالْحَدِيد والرصاص والصفر والنحاس. قَوْله: {فيمكث فِي الأَرْض} أَي: يبْقى وَلَا يذهب.
وَقَوله {كَذَلِك يضْرب الله الْأَمْثَال} جعل هَذَا مثلا للحق وَالْبَاطِل فِي الْقُلُوب، يَعْنِي: أَن الْبَاطِل كالزبد يذهب ويضيع وَيهْلك، وَالْحق كَالْمَاءِ وكهذه الْأَشْيَاء يمْكث وَيبقى فِي الْقُلُوب، وَقَالَ بَعضهم: هَذَا تَسْلِيَة للْمُؤْمِنين، يَعْنِي أَن أَمر الْمُشْركين كَذَلِك الزّبد، يرى فِي الصُّورَة شَيْئا ثَابتا وَلَيْسَ لَهُ حَقِيقَة. وَأمر الْمُؤمنِينَ كَالْمَاءِ المستقر فِي مَكَانَهُ، فَلهُ الثَّبَات والبقاء، يُقَال: للباطل جَوْلَة، وللحق دولة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute