{الله يَأْمر بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَان وإيتاء ذِي الْقُرْبَى وَينْهى عَن الْفَحْشَاء وَالْمُنكر وَالْبَغي}
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنه الْإِنْصَاف وَترك [الْجور [، وَعَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ أَنه دَعَاهُ عمر بن عبد الْعَزِيز حِين ولي الْخلَافَة، فَقَالَ لَهُ: صف لي الْعدْل، فَقَالَ: كن للصَّغِير أَبَا، وللكبير ابْنا، ولمثلك أَخا، وعاقب النَّاس على قدر ذنوبهم، وَإِيَّاك أَن تضرب أحدا (بِغَضَبِك) وَالْقَوْل الثَّالِث: وَهُوَ أَن الْعدْل هُوَ أَن تستوي سريرة الْمَرْء وعلانيته.
وَقَوله تَعَالَى: {وَالْإِحْسَان} أَن تكون سريرة الْمَرْء أفضل من عَلَانِيَته عِنْد الله، وَقَوله: {وَالْإِحْسَان} فِيهِ أَقْوَال:
أَحدهَا: أَن الْإِحْسَان هُوَ الْعَفو، وَالْآخر: هُوَ أَدَاء الْفَرَائِض وَالثَّالِث: (أَنه) أَن تعبد الله كَأَنَّك ترَاهُ، فَإِن لم تكن ترَاهُ فَإِنَّهُ يراك، وَالرَّابِع: أَنه التفضل، وَقيل: الْإِحْسَان أَن تكون سريرة الْمَرْء أفضل من عَلَانِيَته.
وَقَوله: {وإيتاء ذِي الْقُرْبَى} أَي: صلَة ذَوي الْأَرْحَام، وَقيل: إِنَّه يدْخل فِي هَذَا جَمِيع بني آدم؛ لِأَن بَينه وَبَين الْكل وصلَة بِآدَم - صلوَات الله عَلَيْهِ - وَأدنى مَا يَقع فِي الصِّلَة ترك الْأَذَى، وَأَن يحب لَهُ مَا يُحِبهُ لنَفسِهِ، وَيكرهُ لَهُ مَا يكره لنَفسِهِ.
وَقَوله: {وَينْهى عَن الْفَحْشَاء} الْفَحْشَاء: كل مَا استقبح من الذُّنُوب، وَقيل: إِنَّه الزِّنَا، وَقيل: إِنَّه الْبُخْل، وَقيل الْفَحْشَاء: أَن تكون عَلَانيَة الْمَرْء أفظع من سَرِيرَته.
وَقَوله: {وَالْمُنكر} يَعْنِي: كل مَا يكون مُنْكرا فِي الدّين، وَقيل: إِنَّه الشّرك، فَإِنَّهُ أعظم الْمَنَاكِير.
وَقَوله: {وَالْبَغي} يُقَال: إِنَّه الظُّلم والاستطالة على النَّاس، وَقيل: إِنَّه الْكبر، وَقيل: إِنَّه الْغَيْبَة، وَعَن قَتَادَة قَالَ: جمع الله تَعَالَى كل مَا يحب، وكل مَا يكره فِي هَذِه الْآيَة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute