للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

{نقضت غزلها من بعد قُوَّة أنكاثا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانكُم دخلا بَيْنكُم أَن تكون أمة هِيَ أربى من أمة إِنَّمَا يبلوكم الله بِهِ وليبينن لكم يَوْم الْقِيَامَة مَا كُنْتُم فِيهِ تختلفون (٩٢) وَلَو شَاءَ الله لجعلكم أمة وَاحِدَة وَلَكِن يضل من يَشَاء وَيهْدِي من يَشَاء ولتسألن عَمَّا كُنْتُم} وَقَوله: {تَتَّخِذُونَ أَيْمَانكُم دخلا بَيْنكُم} أَي: غشا وخديعة.

والدخل: مَا تدخل فِي الشَّيْء للْفَسَاد، وَيُقَال: إِن (الدغل) هُوَ أَن يظْهر الْوَفَاء، ويبطن النَّقْض، وَكَذَلِكَ الدخل.

وَقَوله: {أَن تكون أمة هِيَ أربى} أَي: أَكثر، وَأما مَعْنَاهُ: فروى عَن مُجَاهِد أَنه قَالَ: كَانُوا يعاهدون مَعَ قوم، فَإِذا رَأَوْا أَقْوَامًا أعز مِنْهُم وَأكْثر، نقضوا عهد الْأَوَّلين، وعاهدوا مَعَ الآخرين؛ فعلى هَذَا قَوْله: {أَن تكون أمة هِيَ أربى من أمة} يَعْنِي: طلبتم الْعِزّ بِنَقْض الْعَهْد بِأَن كَانَت أمة أَكثر من أمة.

وَفِي الْآيَة قَول آخر: وَهِي نزلت فِي قوم عَاهَدُوا مَعَ النَّبِي ثمَّ نقضوا الْعَهْد مَعَه، وعاهدوا مَعَ قوم من الْكفَّار، فظنوا أَن قوتهم أَكثر، لِأَن عَددهمْ أَكثر، وَيُقَال: إِن الْآيَة نزلت فِي الْمُؤمنِينَ، نَهَاهُم الله تَعَالَى عَن نقض الْعَهْد؛ فَكَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: إِذا عاهدتم مَعَ قوم لمخافة، فَإِذا أمنتم فَلَا تنقضوا، ليَكُون جانبكم أقوى وَأكْثر.

وَقَوله: {إِنَّمَا يبلوكم الله بِهِ} يَعْنِي: بِالْكَثْرَةِ والقلة، وَقيل: يبلوكم الله بِهِ يَعْنِي: بِالْأَمر بِالْوَفَاءِ بالعهد. وَقَوله: {وليبين لكم يَوْم الْقِيَامَة مَا كُنْتُم فِيهِ تختلفون} ظَاهر الْمَعْنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>