{وَمن اللَّيْل فتهجد بِهِ نَافِلَة لَك عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا (٧٩) } تَخْصِيص النَّبِي بذلك؟ قُلْنَا: لِأَنَّهُ هِيَ تَكْفِير الذُّنُوب لغيره وَزِيَادَة لَهُ، لِأَن ذنُوبه مغفورة، وَقيل: نَافِلَة لَك أَي: فَرِيضَة عَلَيْك، وَقد كَانَ عَلَيْهِ الْقيام بِاللَّيْلِ فَرِيضَة، وَقيل: نَافِلَة لَك أَي: فَضِيلَة لَك، وَخص بِالذكر، ليَكُون لَهُ السَّبق فِي هَذِه الْفَضِيلَة؛ وليقتدي النَّاس بِهِ فِيهَا.
وَقَوله: {عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا} أجمع الْمُفَسِّرُونَ أَن هَذَا مقَام الشَّفَاعَة، وَقد ثَبت هَذَا عَن النَّبِي. وَفِي رِوَايَة أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي قَرَأَ قَوْله: {عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا} قَالَ: " هُوَ الْمقَام الَّذِي أشفع فِيهِ لأمتي " وَرُوِيَ أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ: " أَنا سيد الْأَنْبِيَاء إِذا بعثوا، وَأَنا وافدهم إِذا تكلمُوا، وَأَنا مبشرهم إِذا أبلسوا، وَأَنا إمَامهمْ إِذا سجدوا؛ أَقُول فليسمع، وأشفع فأشفع، وأسأل فَأعْطِي ".
وَعَن مُجَاهِد أَنه قَالَ: يجلسه على الْعَرْش، وَعَن غَيره: يقعده على الْكُرْسِيّ بَين يَدَيْهِ، وَقَالَ بَعضهم: يقيمه عَن يَمِين الْعَرْش.
وَعَن حُذَيْفَة أَنه قَالَ: يجمع الله النَّاس يَوْم الْقِيَامَة فِي صَعِيد وَاحِد يسمعهم الدَّاعِي، وَينْفذهُمْ الْبَصَر، وهم حُفَاة عُرَاة قيام، لَا يسمع مِنْهُم حس، فَيَقُول الله تَعَالَى: يَا مُحَمَّد، فَيَقُول: لبيْك وَسَعْديك وَالْخَيْر فِي يَديك، والمهتدى من هديت، تَبَارَكت وَتَعَالَيْت، لَا ملْجأ وَلَا منجا مِنْك إِلَّا إِلَيْك، وَأَنا عَبدك بَين يَديك. قَالَ: فَهَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute