{صَدَقَة أَو نسك فَإِذا أمنتم فَمن تمتّع بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَج فَمَا اسْتَيْسَرَ من الْهَدْي فَمن} يذبح فِي مَوْضِعه، وَمَوْضِع الذّبْح عندنَا: حَيْثُ أحْصر وتحلل.
وَقَالَ أَبُو حنيفَة: مَوْضِعه: مَكَّة. وَمَا قُلْنَاهُ أصح؛ لِأَن رَسُول الله " لما بلغ الْحُدَيْبِيَة مُعْتَمِرًا، فصده الْمُشْركُونَ، تحلل وَذبح هُنَالك ".
قَوْله تَعَالَى: {فَمن كَانَ مِنْكُم مَرِيضا أَبُو بِهِ أَذَى من رَأسه} نزل هَذَا فِي كَعْب بن عجْرَة. روى عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى. عَن كَعْب بن عجْرَة أَنه قَالَ: " كنت مَعَ رَسُول الله بِالْحُدَيْبِية، وَكنت أنفخ تَحت الْقدر وَالْقمل يتهافت على وَجْهي، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: مَا هَذَا؟ ! احْلق رَأسك، وَاذْبَحْ شَاة، أَو صم ثَلَاثَة أَيَّام، أَو أطْعم سِتَّة مَسَاكِين ". فَهَذَا معنى قَوْله: {ففدية من صِيَام أَو صَدَقَة أَو نسك} يَعْنِي: ذبح الشَّاة.
وَذَلِكَ الْمَذْهَب عندنَا، أَن يذبح فِي فديَة الْأَذَى: شَاة، أَو يَصُوم ثَلَاثَة أَيَّام، أَو يتَصَدَّق بفرق من طَعَام، وَالْفرق: ثَلَاثَة أصوع، كل صَاع أَرْبَعَة أَمْدَاد، فَيتَصَدَّق على كل مِسْكين بمدين.
وَقَالَ عَطاء: يطعم عشرَة مَسَاكِين.
وَقَوله تَعَالَى: {فَإِذا أمنتم فَمن تمتّع بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَج} قَالَ ابْن الزبير: يخْتَص التَّمَتُّع بالمحصر؛ لقَوْله تَعَالَى: {فَإِذا أمنتم} وَعَامة الصَّحَابَة على أَنه جَائِز على الْعُمُوم للكافة.
ثمَّ مَذْهَب الْمَدَنِيين، والكوفيين: أَن التَّمَتُّع هُوَ: أَن يحرم بِالْعُمْرَةِ فِي أشهر الْحَج،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute