بعده نَبِي، وَقَالَ غَيره: يجوز كَمَا يجوز على سَائِر الْأَنْبِيَاء. وَقد رُوِيَ " أَن امْرَأَة أَتَت النَّبِي وَقَالَت: إِن زَوجي توفّي فَأَيْنَ أَعْتَد؟ فَقَالَ لَهَا: اعْتدي أَيْن شِئْت، فَلَمَّا ولت دَعَاهَا وَقَالَ: سُبْحَانَ الله امكثي فِي بَيْتك حَتَّى يبلغ الْكتاب " وَالْخَبَر غَرِيب.
وَرُوِيَ أَن رجلا أَتَى النَّبِي وَقَالَ: يَا رَسُول الله، أَرَأَيْت إِن قتلت صَابِرًا محتسبا، هَل يحجزني من الْجنَّة شَيْء؟ قَالَ: لَا، ثمَّ دَعَاهُ وَقَالَ: " إِلَّا الدّين، سَارَّنِي بِهِ جِبْرِيل " وَهُوَ خبر مَعْرُوف، والخبران يدلان على أَنه يجوز أَنه يُخطئ، إِلَّا أَنه لَا يُقرر عَلَيْهِ.
وَالْقَوْل الثَّانِي فِي أصل الْحُكُومَة: هُوَ أَن دَاوُد وَسليمَان - عَلَيْهِمَا السَّلَام - حكما بِالْوَحْي، إِلَّا أَن مَا حكم بِهِ دَاوُد كَانَ مَنْسُوخا، وَالَّذِي حكم بِهِ سُلَيْمَان كَانَ نَاسِخا، وَقَالَ هَؤُلَاءِ الْقَوْم: لَا يجوز للنَّبِي أَن يجْتَهد فِي الْحَوَادِث؛ لِأَنَّهُ مستغن بِالْوَحْي عَن الِاجْتِهَاد، وَقد قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَا ينْطق عَن الْهوى إِن هُوَ إِلَّا وَحي يُوحى} ، وَالْأول هُوَ الْأَصَح.
وَأما حكم هَذِه الْمَسْأَلَة فِي شريعتنا: فَاعْلَم أَن مَا أفسدت الْمَاشِيَة بِاللَّيْلِ عندنَا مَضْمُون على صَاحبهَا، وَمَا أفسدت بِالنَّهَارِ فَلَا ضَمَان، وَالْحجّة فِيهِ مَا روى الزُّهْرِيّ، عَن حرَام بن محيصة عَن أَبِيه: " أَن نَاقَة الْبَراء بن عَازِب دخلت حرث قوم فأفسدته، فَارْتَفعُوا إِلَى النَّبِي فَقضى بِأَن حفظ الْمَاشِيَة على أَرْبَابهَا لَيْلًا، وَأَن حفظ الْحَرْث على أَرْبَابهَا نَهَارا " وَهَذَا أحسن حكم يكون؛ لِأَن الْعَادة جرت أَن الْمَوَاشِي تحفظ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute