{فَنَادَى فِي الظُّلُمَات أَن لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ إِنِّي كنت من الظَّالِمين (٨٧) فاستجبنا لَهُ ونجيناه من الْغم وَكَذَلِكَ ننجي الْمُؤمنِينَ (٨٨) } أَي: ضيق، وَاعْلَم أَن معنى التَّضْيِيق وَالتَّقْدِير عَلَيْهِ هُوَ الْحَبْس فِي بطن الْحُوت.
قَالَ أهل الْعلم: وَلم يكن يُونُس من أولي الْعَزْم من الرُّسُل، وَكَانَ ضيق الصَّدْر، فَلَمَّا وضع عَلَيْهِ أعباء النُّبُوَّة تفسخ تحتهَا كَمَا يتفسخ الرّبع، وَهَذَا القَوْل مأثور عَن السّلف.
وَقَوله: {فَنَادَى فِي الظُّلُمَات} فِي الْقِصَّة: أَنه لما ذهب ركب السَّفِينَة، وَفِي السَّفِينَة قوم كثير، فجَاء حوت وَحبس السَّفِينَة، وخشي الْقَوْم على أنفسهم الْهَلَاك، وتنبه يُونُس أَنه هُوَ المُرَاد فَقَالَ: ألقوني تنجوا، فامتنعوا عَن ذَلِك، ثمَّ إِنَّهُم استهموا فَخرج السهْم عَلَيْهِ مَرَّات، فألقوه فالتقمه الْحُوت، وَمَرَّتْ السَّفِينَة، قَالَ سَالم بن أبي الْجَعْد: والتقم الْحُوت حوت آخر.
وَأما قَوْله: {فَنَادَى فِي الظُّلُمَات} أَي: ظلمَة اللَّيْل، وظلمة الْبَحْر، وظلمة بطن الْحُوت، وَفِي الْقِصَّة: أَن الْحُوت مر بِهِ إِلَى الأَرْض السَّابِعَة، وَسمع من تَسْبِيح الْأَرْضين والأحجار ودواب الْبحار أمرا عَظِيما، فَنَادَى فِي الظُّلُمَات: {أَن لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ إِنِّي كنت من الظَّالِمين} قَالَ ابْن عَبَّاس: مكث فِيهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَعَن غَيره: ثَلَاثَة أَيَّام، وَرُوِيَ أَنه لما دَعَا بِهَذِهِ الدعْوَة سَمِعت الْمَلَائِكَة صَوته، فَقَالُوا: يَا رب صَوت مَعْرُوف من مَكَان مَجْهُول، فَقَالَ الله تَعَالَى: هُوَ عَبدِي يُونُس جعلت بطن الْحُوت سجنا لَهُ فدعوا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute