{يُوقد من شَجَرَة مباركة زيتونة لَا شرقية وَلَا غربية} والدراء هُوَ الدّفع، والكوكب يدْفع الشَّيَاطِين عَن السَّمَاء، فَإِن قيل: لم شبه بِهِ فِي حَالَة الدّفع؟ قُلْنَا: لِأَنَّهُ فِي تِلْكَ الْحَالة يكون أصفى، وَالْقَوْل الثَّانِي: " درىء ". أَي طالع، يُقَال: دَرأ علينا فلَان أَي: طلع وَظهر، وَقَالَ الْأَزْهَرِي: وَهَذَا قَول حسن، وقرىء: " درىء " بِرَفْع الدَّال مهموزا، قَرَأَهُ حَمْزَة وَأَبُو بكر، وَأهل النَّحْو يخطؤنه فِي هَذِه الْقِرَاءَة، وَقَالُوا: لَا يُوجد فعيل فِي اللُّغَة، والشاذ: " دري " بِفَتْح الدَّال.
وَقَوله: {يُوقد} أَي: الزجاجة، وَمَعْنَاهُ: نَار الزجاجة، فَحذف النَّار، وقرىء: " يُوقد " بِالْيَاءِ أَي: الْمِصْبَاح، وقرىء: " توقد " أَي: تتوقد، وَفِي الشاذ: " يُوقد " أَي: يُوقد الله تَعَالَى.
وَقَوله: {من شَجَرَة مباركة} أَي: من زَيْت شَجَرَة مباركة، والشجرة الْمُبَارَكَة هَاهُنَا هِيَ الزَّيْتُون، وفيهَا من الْخَيْر مَا لَيْسَ فِي سَائِر الْأَشْجَار، فَإِنَّهُ دهن وإدام وَفَاكِهَة تُؤْكَل ويستصبح بِهِ، وبفضله يغسل بِهِ الثِّيَاب وَهِي شَجَرَة تورق من رَأسهَا إِلَى أَسْفَلهَا، واستخراج الدّهن مِنْهُ لَا يحْتَاج إِلَى عصار كَغَيْرِهِ، بل يَسْتَخْرِجهُ من شَاءَ من غير عسر، وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " ائتدموا بالزيت، وادهنوا مِنْهُ، فَإِنَّهُ من شَجَرَة مباركة " رَوَاهُ معمر، عَن زيد بن أسلم، عَن أَبِيه، عَن عمر الْخَبَر.
وَقَوله: {لَا شرقية وَلَا غربية} قَالَ الْحسن: لَيْسَ هَذَا من أَشجَار الدُّنْيَا، وَلَو كَانَت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute