للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَقَوله: {وَالله بِكُل شَيْء عليم} مَعْلُوم.

وَاعْلَم أَنه اخْتلف القَوْل فِي معنى التَّمْثِيل: مِنْهُم من قَالَ: التَّمْثِيل وَقع للنور الَّذِي فِي قلب الْمُؤمن، وَمِنْهُم من قَالَ: التَّمْثِيل وَقع لنُور مُحَمَّد، وَمِنْهُم من قَالَ: التَّمْثِيل وَقع لنُور الْقُرْآن، وَأما إِذا قُلْنَا: إِن التَّمْثِيل وَقع للنور الَّذِي فِي قلب الْمُؤمن فَهُوَ ظَاهر الْمَعْنى كَمَا بَينا.

وَقَوله: {يكَاد زيتها يضيء} أَي: يكَاد قلب الْمُؤمن يعرف الْحق قبل أَن يبين لَهُ لموافقته إِيَّاه.

وَقَوله: {نور على نور} أَي: نور الْعَمَل على نور الِاعْتِقَاد، وَعَن أبي بن كَعْب أَنه قَالَ: الْمُؤمن بَين خَمْسَة أنوار، وَقَوله نور، وَعَمله نور، ومدخله نور، ومخرجه نور، ومصيره إِلَى النُّور. وَعَن غَيره أَنه قَالَ: الْمُؤمن بَين أَرْبَعَة أَحْوَال: إِن أعطي شكر، وَإِن ابْتُلِيَ صَبر، وَإِن قَالَ صدق، وَإِن حكم عدل. وَإِذا قُلْنَا: التَّمْثِيل وَقع لنُور مُحَمَّد، فالمشكاة صَدره، والزجاجة قلبه، والمصباح هُوَ نورة النُّبُوَّة.

وَقَوله: {توقد من شَجَرَة مباركة} الشَّجَرَة الْمُبَارَكَة هُوَ إِبْرَاهِيم - صلوَات الله عَلَيْهِ - وَذكر زيتونة، لِأَنَّهَا أبرك الْأَشْجَار على مَا بَينا؛ وَلِأَن إِبْرَاهِيم نزل الشَّام، وَفِي زيتون الشَّام من الْبركَة مَا لَيْسَ لغيره من الْبِلَاد.

وَقَوله: {لَا شرقية وَلَا غربية} مَعْنَاهُ: أَن إِبْرَاهِيم لم يكن يُصَلِّي إِلَى الْمشرق وَلَا إِلَى الْمغرب، وَهُوَ معنى قَوْله تَعَالَى: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيم يَهُودِيّا وَلَا نَصْرَانِيّا} وَالْيَهُود يصلونَ إِلَى الْمغرب، وَالنَّصَارَى إِلَى الْمشرق. وَقَوله: {يكَاد زيتها يضيء وَلَو لم تمسسه نَار} مَعْنَاهُ: لَو لم يكن إِبْرَاهِيم نَبيا لألحقه الله بِالْعَمَلِ الصَّالح بالأنبياء فِي درجاتهم، وَيُقَال مَعْنَاهُ: أَن مُحَمَّدًا لَو لم تأته معْجزَة لدلت أَحْوَاله على صدقه وعَلى نبوته. وَقَوله: {نور على نور} أَي: نور مُحَمَّد على نور إِبْرَاهِيم، وَقَوله: {يهدي

<<  <  ج: ص:  >  >>