{مِنْكُم ثَلَاث مَرَّات من قبل صَلَاة الْفجْر وَحين تضعون ثيابكم من الظهيرة وَمن بعد صَلَاة الْعشَاء ثَلَاث عورات لكم لَيْسَ عَلَيْكُم وَلَا عَلَيْهِم جنَاح بعدهن} وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لم يكن للْقَوْم ستور وَلَا [حجاب] ، وَكَانَ الخدم والولائد يدْخلُونَ عَلَيْهِم، فيرون مِنْهُم مَا لَا يحبونَ أَن يرى مِنْهُم، فَأمر الله تَعَالَى بالاستئذان، ثمَّ إِن الله تَعَالَى بسط رزفه، وَاتخذ النَّاس ستورا و [حِجَابا] ، فَرَأَوْا أَن ذَلِك قد أغْنى من الاسْتِئْذَان، قَالَ الشّعبِيّ وَسَعِيد بن جُبَير: هَذِه الْآيَة غير مَنْسُوخَة لَكِن تهاون النَّاس. وَحكى عَطاء عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: ثَلَاث آيَات من الْقُرْآن لَا يعْمل النَّاس بهَا، وَذكر هَذِه الْآيَة وَذكر قَوْله تَعَالَى: {إِن أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم} فَلَا يزَال النَّاس يَقُولُونَ: أَنا ابْن فلَان، وَأكْرم من فلَان، وَأحسن من فلَان، قَالَ عَطاء: ونسيت الثَّالِثَة.
وَقَوله: {ثَلَاث عورات لكم} قرئَ بِرَفْع الثَّاء ونصبه، فَقَوله: {ثَلَاث} بِالرَّفْع، أَي: هِيَ ثَلَاث عورات لكم، وَقَوله: {ثَلَاث عورات لكم} بِالنّصب بدل من قَوْله: " ثَلَاث مَرَّات " فَيكون نصبا على الْبَدَل.
وَقَوله: {لَيْسَ عَلَيْكُم وَلَا عَلَيْهِم جنَاح} أَي: إِثْم فِي ترك الاسْتِئْذَان فِيمَا سوى هَذِه الْأَوْقَات الثَّلَاثَة.
وَقَوله: {بعدهن} إِشَارَة إِلَى هَذَا الْمَعْنى.
وَقَوله: {طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضكُم على بعض} ابْتِدَاء أَي: هَؤُلَاءِ الخدم والولائد طَوَّافُونَ عَلَيْكُم، يطوفون عَلَيْكُم ليخدموكم، وَمن هَذَا قَوْله فِي الْهِرَّة: " إِنَّهَا من الطوافين عَلَيْكُم والطوافات ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute