وَقَالَ سعيد بن الْمسيب: أَرَادَ بِهِ: أَنهم خَرجُوا إِلَى الْحَرْب، فَأَصَابَتْهُمْ جراحات، فصاروا محصرين عَن الْجِهَاد بِسَبَب الْجِرَاحَات.
وَقَالَ قَتَادَة - وَهُوَ أحسن الْأَقْوَال -: مَعْنَاهُ: أَنهم حبسوا أنفسهم على الْجِهَاد فِي سَبِيل الله، وَتركُوا الْخُرُوج للتِّجَارَة والمعاش، ووقفوا أنفسهم على الْحَرْب.
وَقد ورد ذَلِك فِي أهل الصّفة، كَانُوا قَرِيبا من أَرْبَعمِائَة نفر، اجْتَمعُوا فِي مَسْجِد رَسُول الله وَكَانُوا لَا يأوون إِلَى أهل وَلَا إِلَى مَال، وَكَانَ يبْعَث النَّاس إِلَيْهِم بِفضل قوتهم، وَكَانُوا وقفُوا أنفسهم على الْجِهَاد فِي سَبِيل الله، وَقَالُوا: لَا تخرج سَرِيَّة إِلَّا وَنخرج مَعهَا، فَهَذَا معنى قَوْله:{أحْصرُوا فِي سَبِيل الله} .
وَقَوله:{لَا يَسْتَطِيعُونَ ضربا فِي الأَرْض} هَذَا على الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلين يرجع إِلَى الضَّرْب فِي الأَرْض للْجِهَاد.