{الأذقان فهم مقحمون (٨) وَجَعَلنَا من بَين أَيْديهم سدا وَمن خَلفهم سدا فأغشيناهم} بذكرها عَن ذكر الْأَيْدِي، قَالَ الْأَزْهَرِي: معنى الْآيَة: إِنَّا جعلنَا فِي أَعْنَاقهم وأيديهم أغلالا، فَهِيَ كِنَايَة عَن الْأَيْدِي.
فَإِن قيل: فَكيف يكنى عَن الْأَيْدِي وَلم يجر لَهَا ذكر؟ وَالْجَوَاب عَنهُ: أَن الْعَرَب تكني عَن الشَّيْء وَإِن لم تجر لَهُ ذكرا، إِذا كَانَ مَعْلُوما.
قَالَ الشَّاعِر:
(وَلَا أَدْرِي إِذا يممت أَرضًا ... أُرِيد الْخَيْر أَيهمَا يليني)
(أألخير الَّذِي أَنا أبتغيه ... أم الشَّرّ الَّذِي هُوَ يبتغيني)
فقد كنى بقوله: أَيهمَا عَن الشَّرّ وَالْخَيْر، وَالشَّر غير مَذْكُور.
وَقَوله: {إِلَى الأذقان} مَعْنَاهُ: إِلَى الْأَعْنَاق إِلَّا أَنه ذكر الأذقان لقرب الْأَعْنَاق من الأذقان، وَقَوله: {فهم مقحمون} المقمح: هُوَ الَّذِي رفع رَأسه وغض طرفه، وَالْعرب تسمى الكانونين شَهْري القماح؛ لِأَن الْإِبِل ترد المَاء وتشرب، فَترفع رَأسهَا من شدَّة الْبرد، قَالَ الشَّاعِر:
(وَنحن على جوانبه قعُود ... نغض الطّرف كَالْإِبِلِ القماح)
وَقَرَأَ ابْن مَسْعُود: " إِنَّا جعلنَا فِي أَيْمَانهم أغلالا "، وَهِي قِرَاءَة مَعْرُوفَة عَنهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute