وَقَوله:{فَاسْتَغْفر ربه} أَي: طلب الْمَغْفِرَة من ربه (وخر رَاكِعا) أَي: سَاجِدا، فَعبر عَن السُّجُود بِالرُّكُوعِ؛ لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا نوع من الانحناء.
وَذكر وهب بن مُنَبّه: أَن دَاوُد صلوَات الله عَلَيْهِ لم يشرب بعد ذَلِك مَاء، إِلَّا وَقد مزجه بدموعه، وَلم يَأْكُل طَعَاما إِلَّا وَقد بله بدموعه، وَلم ينم على فرَاش إِلَّا وَقد غرقه بدموعه.
وَأم حكم السُّجُود فِي هَذِه الْآيَة، فَذكر بَعضهم: أَنَّهَا سَجْدَة شكر، وَذكر بَعضهم: أَنَّهَا سَجْدَة عَزِيمَة، وَقد روى الشَّافِعِي رَحمَه الله بِإِسْنَادِهِ عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ لَا يسْجد فِي " سُورَة ص " وَيَقُول: إِنَّهَا تَوْبَة نَبِي.
وَفِي بعض التفاسير: أَن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام لما قَالَ مَا قَالَ ضحك أحد الْملكَيْنِ إِلَى صَاحبه، ثمَّ ارتفعا إِلَى السَّمَاء، فَعلم دَاوُد أَنَّهُمَا أراداه بذلك القَوْل وأنهما ملكان مبعوثان من قبل الله تَعَالَى فَحِينَئِذٍ وَقع على الأَرْض سَاجِدا.