وَقَوله:{وَأَرْض الله وَاسِعَة} قَالَ سعيد بن جُبَير: من أَمر بِالْمَعَاصِي فليهرب، وَفِي الْآيَة أَمر بِالْهِجْرَةِ عَن الْبَلَد الَّذِي تظهر فِيهِ الْمعاصِي إِلَى بلد لَا تظهر فِيهِ الْمعاصِي، وَيُقَال فِيهِ: أَرض الله وَاسِعَة أَي: الْمَدِينَة، فَأمر بالمهاجرة من مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة، وَيُقَال: نزلت الْآيَة فِي جَعْفَر بن أبي طَالب وَأَصْحَابه، حَيْثُ هَاجرُوا من مَكَّة إِلَى الْحَبَشَة.
وَقَوله:{إِنَّمَا يُوفى الصَّابِرُونَ} أَي: الغربة وَالْخُرُوج من الوطن فِرَارًا بدينهم {أجرهم بِغَيْر حِسَاب} أَي: بِغَيْر تَقْدِير، وَفِي الْخَبَر أَن النَّبِي قَالَ: " لما أنزل الله تَعَالَى: {من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ عشر أَمْثَالهَا} رب زد أمتِي، فَأنْزل الله تَعَالَى:{مثل الَّذين يُنْفقُونَ أَمْوَالهم فِي سَبِيل الله كَمثل حَبَّة أنبتت سبع سنابل} ثمَّ قَالَ: زد أمتِي؛ فَأنْزل الله تَعَالَى:{إِنَّمَا يُوفى الصَّابِرُونَ أجرهم بِغَيْر حِسَاب} .
وَعَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كل مُطِيع يُكَال كَيْلا ويوزن وزنا إِلَّا الصَّابِرُونَ؛ فَإِنَّهُم يحثى لَهُم حثيا.