{من بعد مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حجتهم داحضة عِنْد رَبهم وَعَلَيْهِم غضب وَلَهُم عَذَاب شَدِيد (١٦) الله الَّذِي أنزل الْكتاب بِالْحَقِّ وَالْمِيزَان وَمَا يدْريك لَعَلَّ السَّاعَة قريب (١٧)
وَقَوله: {من بعد مَا اسْتُجِيبَ لَهُ} أَي: من بعد مَا اسْتَجَابَ الْمُؤْمِنُونَ للرسول.
وَقَوله: {حجتهم داحضة} أَي: بَاطِلَة.
وَقَوله: {عِنْد رَبهم وَعَلَيْهِم غضب وَلَهُم عَذَاب شَدِيد} قد بَينا من قبل. فَإِن قيل: قد قَالَ: من بعد مَا اسْتُجِيبَ لَهُ، فَأَي معنى لاستجابة النَّاس لَهُ فِي هَذَا الْمحل، وحجتهم داحضة سَوَاء اسْتَجَابَ لَهُ النَّاس أَو لم يَسْتَجِيبُوا لَهُ؟ وَالْجَوَاب: أَن الْكفَّار ظنُّوا أَن أَمر مُحَمَّد سيزول عَن قريب، وَيعود الْأَمر إِلَى مَا هم عَلَيْهِ، وَأَن النَّاس لَا يستجيبون لَهُ وَلَا يدْخلُونَ فِي دينه، فَذكر من بعد مَا اسْتُجِيبَ لَهُ أَي: قد استجابه النَّاس، وَبَطل ظنكم أَن أمره يَزُول عَن قريب، وَهَذَا أحسن فَائِدَة. وَفِيه قَول آخر: أَن قَوْله: {من بعد مَا اسْتُجِيبَ لَهُ} أَي: من بعد مَا اسْتَجَابَ الله بِمَا طلب من إِظْهَار المعجزات علبه. وَعَن بَعضهم: أَن المحاجة بِالْبَاطِلِ هِيَ نصْرَة الِاعْتِقَاد الْفَاسِد، ثمَّ نصْرَة الِاعْتِقَاد الْفَاسِد تكون على وَجْهَيْن: بإيراد شُبْهَة، وبمدافعة حجَّة من غير حجَّة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute