وَقَوله:{أَو من وَرَاء حجاب} أَي: كَمَا كلم مُوسَى من وَرَاء حجاب، وَقيل: بالحجاب على مَوضِع الْكَلَام لَا على الله. [وَقيل] : إِن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام لما سمع كَلَام الله وَلم يره كَانَ بِمَنْزِلَة من يسمع من وَرَاء الْحجاب.
وَقَوله:{أَو يُرْسل رَسُولا فَيُوحِي بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء} يَعْنِي: يُرْسل جِبْرِيل بِالْوَحْي إِلَى من يَشَاء من الْأَنْبِيَاء، [وَجُمْلَة] الَّذِي وصل إِلَى الْأَنْبِيَاء من الْوَحْي على ثَلَاثَة وُجُوه: وَحي إلهام، ورؤيا فِي الْمَنَام، ووحي بِتَكْلِيم الله تَعَالَى، ووحي بِلِسَان جِبْرِيل عَلَيْهِ لسلام. وَعَن مُجَاهِد أَنه قَالَ: أوحى الله تَعَالَى الزبُور إِلَى دَاوُد فقرأه من قلبه، وَلم يكن على لِسَان جِبْرِيل. وَفِي بعض الْآثَار: أَن الله تَعَالَى وكل بِحِفْظ الْوَحْي جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام، وَكَذَلِكَ بإيصاله إِلَى الْأَنْبِيَاء، وَكَذَلِكَ وَكله بنصرة الْأَنْبِيَاء وَعَذَاب الْكفَّار، ووكل مِيكَائِيل بالقطر والنبات، ووكل إسْرَافيل بالصور، وَهُوَ أَيْضا من حَملَة الْعَرْش، ووكل ملك الْمَوْت بِقَبض الْأَرْوَاح؛ فهم موكلون على هَذِه الْأَشْيَاء بِإِذن الله تَعَالَى.