للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

{بعض الظَّن إِثْم وَلَا تجسسوا}

وَاعْلَم أَن الظَّن الْمنْهِي عَنهُ هُوَ ظن السوء بِأَهْل الْخَيْر، فَأَما بِأَهْل الشَّرّ فَجَائِز.

وَقَوله: {إِن بعض الظَّن إِثْم} يَعْنِي: هَذَا الظَّن.

وَقَوله: {وَلَا تجسسوا} التَّجَسُّس: هُوَ الْبَحْث عَن عورات النَّاس، قَالَه مُجَاهِد وَقَرَأَ ابْن سِيرِين: " وَلَا تحسسوا " بِالْحَاء. وَاخْتلفُوا فِي التَّجَسُّس والتحسس، مِنْهُم من قَالَ: هما وَاحِد، وَمِنْهُم من فرق، وَقَالَ: التَّجَسُّس هُوَ الْبَحْث عَن عورات (النَّاس) كَمَا قُلْنَا. والتحسس هُوَ الِاسْتِمَاع إِلَى حَدِيث الْقَوْم، وَيُقَال: التَّجَسُّس هُوَ الْبَحْث عَن الْأُمُور، والتحسس هُوَ الْإِدْرَاك بِبَعْض الْحَواس، وَقد ثَبت عَن النَّبِي بِرِوَايَة أنس أَنه قَالَ: " لَا تقاطعوا وَلَا تدابروا وَلَا تباغضوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تجسسوا وَكُونُوا عباد الله إخْوَانًا " قَالَ الشَّيْخ الإِمَام رَحمَه الله: أخبرنَا [الشَّيْخ] أَبُو عَليّ الشَّافِعِي بِمَكَّة، أخبرنَا أَبُو الْحسن بن فراس، أخبرنَا أَبُو مُحَمَّد ابْن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد عبد الله بن يزِيد الْمُقْرِئ، عَن جده، عَن مُحَمَّد، عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أنس ... الحَدِيث.

وَفِي بعض الْآثَار أَن عمر رَضِي الله عَنهُ خرج وَمَعَهُ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف يعس لَيْلَة، فمرا بدار وَسَمعنَا مِنْهَا لغظا وأصواتا، فَقَالَ عمر: أرى أَنهم يشربون الْخمر {مَاذَا نَفْعل؟} فَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف: أرى أَنا أَتَيْنَا مَا نهينَا عَنهُ يَعْنِي: التَّجَسُّس وَرجع.

وَفِي هَذَا الْأَثر أَن تِلْكَ الدَّار كَانَت دَار ربيعَة بن أُميَّة بن خلف.

وَفِي أثر آخر أَنه قيل لِابْنِ مَسْعُود: هَل لَك فِي الْوَلِيد بن عقبه ولحيته تقطر خمرًا وَكَانَ الْوَلِيد أَمِير الْكُوفَة، وَابْن مسود فقيهها فَقَالَ: إِنَّا نهينَا عَن التَّجَسُّس.

<<  <  ج: ص:  >  >>