{سَبيله وَهُوَ أعلم بِمن اهْتَدَى (٣٠) وَللَّه مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض ليجزي الَّذين أساؤوا بِمَا عمِلُوا وَيجْزِي الَّذين أَحْسنُوا بِالْحُسْنَى (٣١) الَّذين يجتنبون كَبَائِر الْإِثْم وَالْفَوَاحِش إِلَّا اللمم إِن رَبك وَاسع الْمَغْفِرَة هُوَ أعلم بكم إِذا أنشأكم من الأَرْض وَإِذ}
فعلى هَذَا القَوْل: اللمم هُوَ النّظر واللمس وَمَا يشبه ذَلِك. وَفِيه حَدِيث نَبهَان التمار الَّذِي ذكرنَا فِي سُورَة هود.
وَفِي الْآيَة قَول ثَالِث: أَن اللمم هُوَ الصَّغَائِر. وَفِيه قَول رَابِع: أَن اللمم هُوَ مَا فعله الْمُسلمُونَ فِي الْجَاهِلِيَّة قبل إسْلَامهمْ، فَلَمَّا أَسْلمُوا وَقع الْعَفو عَنْهَا.
وَقيل: إِن اللمم هُوَ النّظر فَجْأَة، ثمَّ يغض بَصَره فِي الْحَال. وَعَن بَعضهم:
(إِن تغْفر اللَّهُمَّ فَاغْفِر جما ... فَأَي عبد لَك لَا ألما.)
وَقد روى بَعضهم هَذَا مُسْندًا إِلَى النَّبِي وَأما معنى " إِلَّا " فِي الْآيَة، فَقَالَ بَعضهم: هُوَ مُنْقَطع، فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَكِن اللمم. وَمِنْهُم من قَالَ: الِاسْتِثْنَاء على حَقِيقَته، واللمم: فواحش إِلَّا أَن الله تَعَالَى يعْفُو عَنْهَا بمشيئته.
وَقَوله: {إِن رَبك وَاسع الْمَغْفِرَة} أَي: كثير الْمَغْفِرَة.
وَقَوله: {هُوَ أعلم بكم إِذْ أنشأكم من الأَرْض} مَعْنَاهُ: هُوَ ابْتِدَاء خَلقكُم من تُرَاب ثمَّ من نُطْفَة.
وَقَوله تَعَالَى: {وَإِذ أَنْتُم أجنة فِي بطُون أُمَّهَاتكُم} يَعْنِي: أَنه كَانَ عَالما بأحوالكم وَأَنْتُم أجنة فِي بطُون الْأُمَّهَات جاهلون بأحوالكم.
وَقَوله: {فَلَا تزكوا أَنفسكُم} أَي: لَا تمدحوا أَنفسكُم.
وَقَوله: {هُوَ أعلم بِمن اتَّقى} أَي: هُوَ أعلم بالمتقين. وَعَن عَطاء بن أبي رَبَاح: أَن اللمم أَن يعزم على الذَّنب ثمَّ لَا يفعل. ذكره الْقفال الشَّاشِي فِي تَفْسِيره. وَحكي عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ: اللمم: الغمزة والقبلة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute