للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

{لما سمعُوا الذّكر وَيَقُولُونَ إِنَّه لمَجْنُون (٥١) وَمَا هُوَ إِلَّا ذكر للْعَالمين (٥٢) . " ليزهقونك بِأَبْصَارِهِمْ " والزلق هُوَ السُّقُوط، والإزلاق: الْإِسْقَاط.

وَفِي الْآيَة قَولَانِ معروفان: أَحدهمَا: ليزلقونك بِأَبْصَارِهِمْ أَي: يعتانونك، وَمَعْنَاهُ: يصيبونك بأعينهم.

ذكره الْكَلْبِيّ وَمُقَاتِل وَغَيرهمَا، وَذكره الْفراء أَيْضا فِي كِتَابه.

وروى أَن الرجل من الْعَرَب كَانَ يجوع نَفسه ثَلَاثَة أَيَّام، ثمَّ يخرج فتمر عَلَيْهِ إبل جَاره أَو غنمه فَيَقُول: مَا أحْسنهَا، وَمَا أعظمها، وَمَا أسمنها وَمثل هَذَا؛ فَيسْقط (مِنْهَا} الْعدة فتهلك.

وَفِي بعض التفاسير: أَن هَذَا كَانَ فِي بني أَسد من الْعَرَب وَكَانَ الرجل يعتان إبل الْوَاحِد مِنْهُم أَو الْغنم، ثمَّ يَقُول لغلامه: اذْهَبْ بمكتل وَدِرْهَم لتأْخذ لنا من لَحْمه، وَكَانَ يتَيَقَّن أَنه يسْقط فينحر.

وَالْقَوْل الثَّانِي فِي الْآيَة - وَهُوَ أحسن الْقَوْلَيْنِ - أَن المُرَاد مِنْهَا هُوَ أَنهم ينظرُونَ إِلَيْك نظر الْبغضَاء والعداوة فيكادون من شدَّة نظرهم أَي: يصرعونك ويسقطونك، وَهَذَا على مَذْهَب كَلَام الْعَرَب.

تَقول الْعَرَب: نظر فلَان نظرا يكَاد يصرعه أَو يَأْكُلهُ، أَو ينظر إِلَيّ فلَان نظرا يكَاد يصرعني أَو يكَاد يأكلني بِهِ أَي: لَو أمكنه أَن يصرعني بِهِ يصرعني أَو يأكلني بِهِ لأكلني.

وَهَذَا اخْتِيَار الزّجاج وَغَيره من أهل الْمعَانِي.

وأنشدوا:

(يتلاحظون إِذا الْتَقَوْا فِي موطن ... نظرا يزِيل (مَوَاطِن) الْأَقْدَام)

وَقَوله: {لما سمعُوا الذّكر} أَي: الْقُرْآن وَكَانَت عداوتهم وبغضاؤهم تشتد إِذا سَمِعُوهُ يقْرَأ الْقُرْآن.

وَقَوله: {وَيَقُولُونَ إِنَّه لمَجْنُون} اسْم سموهُ بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>