للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

{إِلَى الَّذين قيل لَهُم كفوا أَيْدِيكُم وَأقِيمُوا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة فَلَمَّا كتب عَلَيْهِم الْقِتَال إِذا فريق مِنْهُم يَخْشونَ النَّاس كخشية الله أَو أَشد خشيَة وَقَالُوا رَبنَا لم كتبت علينا الْقِتَال لَوْلَا} كلهَا تقع من عِنْد الله، وَمعنى الْآيَة الثَّانِيَة {وَمَا أَصَابَك من سَيِّئَة فَمن نَفسك} أَي: مَا أَصَابَك من سَيِّئَة من الله، فبذنب نَفسك؛ عُقُوبَة لَك.

وَاعْلَم أَنه لَيْسَ فِي الْآيَة مُتَعَلق لأهل الْقدر أصلا؛ فَإِن الْآيَة فِيمَا يُصِيب النَّاس من النعم والمحن، لَا فِي الطَّاعَات والمعاصي؛ إِذْ لَو كَانَ المُرَاد مَا توهموا، لقَالَ: مَا أصبت من حَسَنَة، فَمن الله وَمَا أصبت من سَيِّئَة؛ فَلَمَّا قَالَ: مَا أَصَابَك من حَسَنَة وَمَا أَصَابَك من سَيِّئَة؛ دلّ أَنه أَرَادَ: مَا يُصِيب الْعباد من النعم والمحن، لَا فِي الطَّاعَات والمعاصي، وَحكى عبد الْوَهَّاب بن مُجَاهِد، عَن مُجَاهِد، أَن ابْن عَبَّاس قَرَأَ: " وَمَا أَصَابَك من سَيِّئَة فَمن نَفسك وَأَنا كتبتها عَلَيْك " وَكَذَا حكى عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَرَأَ كَذَلِك، وَهُوَ مَعْرُوف عَن ابْن عَبَّاس، وَهُوَ يُؤَيّد قَوْلنَا: إِن المُرَاد: بذنب نَفسك.

وَفِي الْآيَة قَول آخر: مُضْمر فِيهِ، وَتَقْدِيره: فَمَال هَؤُلَاءِ الْقَوْم لَا يكادون يفقهُونَ حَدِيثا؛ يَقُولُونَ: مَا أَصَابَك من حَسَنَة، فَمن الله، وَمَا أَصَابَك من سَيِّئَة، فَمن نَفسك فَيكون حِكَايَة لقَوْل الْكفَّار {وأرسلناك للنَّاس رَسُولا وَكفى بِاللَّه شَهِيدا} .

<<  <  ج: ص:  >  >>