للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يحول المقام عن الموضع الذي كان فيه في الجاهلية، بل استمر المقام في عهده في ذلك الموضع وفي عهد أبي بكر وبعض خلافة عمر قبل مجيء السيل الذي احتمله وبعد ما ذهب به السيل رده عمر إلى ذلك الموضع. هذا موقفنا من هاتين الروايتين.

وأما ما ليس بصريح من الروايات فيرجع إلى ما روى ابن أبي حاتم بسند صحيح عن سفيان بن عيينة إمام المكيين في زمانه، قال: "كان المقام في سقع البيت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فحوله عمر رضي الله عنه إلى مكانه بعد النبي صلى الله عليه وسلم وبعد قوله تعالى: (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) قال ذهب السيل به بعد تحويل عمر إياه من موضعه هذا فرده عمر إليه" الحديث.

وأما قول صاحب النقض: (هل يبقى للشك في هذا - أي تحويل النبي صلى الله عليه وسلم للمقام - مجال، ولمن أنكر ذلك إلا العناد والشقاق، وقد توعد تعالى من فعل ذلك بقوله: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى) الآية.

فالجواب عنه أن ما ذكره من الروايات في ذلك هو الذي بينا حالته آنفًا، ودعوى كون القول بأن عمر بن الخطاب أول من أخر المقام إلى موضعه اليوم مشاقة للرسول وإتباع غير سبيل المؤمنين باطلة، فإنه لو كان كذلك لما قالته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وعطاء وغيره من مشائخ ابن حريج، ومجاهد، وسفيان بن عيينة، وأشياخ ابن سعف.

وقد جمع كلامهم الإمام العلامة أبوبكر بن زيد الخزاعي الحنبلي في كتابه: "تحفة الراكع والساجد بأحكام المساجد" قال: روى

<<  <  ج: ص:  >  >>