للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذين ينبيء عن الشخص والذات. ولفظ الطواف يخفي معنى الفعل ولا يبينه. فكان لفظ (الطائفين) أولى بهذا الموطن. ثم يليه في الترتيب القائمين، لأنه في معنى (العاكفين) وهو في معنى قوله: (إلا ما دمت عليه قائمًا) (١) أي مثابرًا ملازمًا، وهو كالطائفين في تعلق حكم التطهير به، ثم يليه بالرتبة لفظ الركع لأن المستقبلين البيت بالركوع لا يختصون بما قرب منه كالطائفين، ولذلك لم يتعلق حكم التطهير بهذا الفعل الذي هو الركوع، وأنه لا يلزم أن يكون في البيت ولا عنده، فلذلك لم يجيء بلفظ جمع السلامة، لأنه لا يحتاج فيه إلى بيان لفظ الفعل كما احتيج فيما قبله.

وقال ابن القيم في "بدائع الفوائد ج١ ص٨١" في كلامه على الآية المذكورة: فإنه ذكر أخص هذه الثلاثة وهو الطواف الذي لا يشرع إلا بالبيت خاصة، ثم انتقل منه إلى الاعتكاف وهو القيام المذكور في الحج، وهو أعم من الطواف، لأنه يكون في كل مسجد، ويختص بالمساجد لا يتعداها، ثم ذكر الصلاة التي تعم سائر بقاع الأرض سوى ما منع منه مانع أو استثنى شرعًا. وإن شئت قلت: ذكر الطواف الذي هو أقرب من العبادات بالبيت: ثم الاعتكاف الذي يكون في سائر المساجد، ثم الصلاة التي تكون في البلد كله، بل في كل بقعة.

يضاف إلى هذا إستدلال من قال من أئمة العلماء بأفضلية التطوع بالطواف على التطوع بالصلاة بهذه الآية كابن عباس وغيره، وقد كانت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم البدء بالطواف قبل كل


(١) سورة آل عمران - آية ٧٥

<<  <  ج: ص:  >  >>