للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فصل) في ذكر كلمة المفتي الأكبر والرد عليها (١)

قال صاحب النقض ص١٨٨: وأما وصفه لفضيلة المفتي "بالأكبر" كما اعتاده بعض من لا علم عنده وجعله ديدنه في خطاباته لفضيلته، فهذا خطأ واضح، بل زلة كبرى، لأن المفتي الأكبر هو الله جل وعلا؛ لأن الفتوى هي بيان الحكم للسائل، والله سبحانه هو الذي شرع الأحكام وبينها لعباده في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم. وقد أخبر تعالى عن توليه لمنصب الفتوى في قوله: (ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب) (٢) وقال (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة) (٣) . وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة في قصة السحر: "أشعرت أن الله أفتاني فيما فيه شفائي" (٤) وفتوى أهل العلم إنما هو مجرد التبليغ عنه لما أفتى به، والأخبار بأنه أمر بكذا ونهي عن كذا وأحل كذا وحرم كذا، والمفتي في الحقيقة هو الله عز وجل. وبما أن الوصف "بالأكبر" أفعل تفضيل مطلق يقتضي تفضيل الموصوف بالأكبرية على غيره، وهذا لا يليق إلا بالله، لأن هذا الوصف لا يصدق إلا عليه، ولا ينصرف عند


(١) القصد بهذا البحث رد دعوى ابن حمدان أن اطلاق لفظة "المفتي الأكبر" على المخلوق فيه منازعة للربوبية، لا رغبتي في تلقيبي بهذا اللقب، فإني وإن كان الأمر فيه كما ذكرنا أكرهه.
(٢) سورة النساء - آية ١٢٧.
(٣) سورة النساء - آية ١٧٦.
(٤) وهي مخرج في الصحيحين وغيرهما بألفاظ منها "سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إنه يخيل إليه أنه فعل الشيء وما فعله، حتى إذا كان ذات يوم عندي دعا الله ودعاه ثم قال أشعرت يا عائشة أن الله أفتاني فيما أستفتيته..الخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>