للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإطلاق إلا إليه، فإطلاقه على المخلوق تهجم على مقام الربوبية في الفتوى، ومنازعة له في الأكبرية. هذا نص نقض المباني حول كلمة "المفتي الأكبر".

وجوابنا عنه أن تقليب الشخص بلقب "المفتي الأكبر" ليس القصد منه التفضيل المطلق، ولا منازعة الرب في الأكبرية؛ بل القصد منه أنه مرجع غيره من المفتين الذين يعتبر مرجعًا لهم، كما أن تلقيب غير الرسول صلى الله عليه وسلم بلقب "الإمام الأعظم" ليس القصد منه التهجم على منصب الرسول الذي هو الإمام الأعظم، إنما القصد أنه أعظم بالنسبة إلى من هو أعظم منه (١) . وقد أطلقت لفظة "المفتي الأعظم" قديمًا على بعض العلماء ففي كتاب "الاعلام بأعلام بيت الله الحرام" للقطب الحنفي إطلاق لقب المفتي الأعظم على أبي السعود، ففي ص٢٦ منه ما نصه: أرسل - أي السلطان سليمان خان - إلى مفتي الإسلام، سلطان العلماء الأعلام، مولانا أبي السعود أفندي، المفتي الأعظم، يستفتيه عن حكم الله في هذه المسألة - أي مسألة تتعلق بإصلاح شيء من الكعبة - وكان هذا الإطلاق في زمن العلماء الأعلام أمثال الهيتمي والشيخ نور الدين علي بن إبراهيم وغيرهما، ولم يسمع أن أحدًا منهم اعتبر التلقيب بذلك اللقب "المفتي الأعظم" منازعة للربوبية، وذلك لمعرفتهم بالمقصود بهذه الكلمة ونظيراتها.

وأما إسناد الإفتاء بصيغة الفعل المقيد إلى الله تعالى في القرآن


(١) بهذا الاعتبار فرق الفقهاء بين الامام الأعظم وبين غيره في أحكام، منها الصلاة على الغال، ففي "زاد المستنقع" وشرحه: الروض المربع، ما نصه: ولا يسن أن يصلي الامام الأعظم على الغال ... الخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>