ولم يجئ في أحاديث إحلال الصحابة رضي الله عنهم من عمرتهم بمكة زمن حجة الوداع أمره صلى الله عليه وسلم إياهم أن يذبحوا في هذا الحين هدياً، بل ولا فعله منهم أحد، كما في حديث جابر الطويل في سياق حج النبي صلى الله عليه وسلم وذكر فيه قوله:" فحل الناس وقصروا إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هديٌ"(١) اهـ.
ومعناه في حديث ابن عمر، ومثله في حديث عائشة، ونظيره في حديث حفصة رضي الله عنهم. فهذه الأحاديث كلها وأمثالها لم يذكر فيها شيء من ذلك، ولو كان شيء لما أهمل، إذ هذا مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله.
ودليل آخر على عدم فعل شيء من ذلك، وهو ذبح النبي صلى الله عليه وسلم عن أزواجه يوم النحر وكن متمتعات، فإنه من المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يأمر بذبح الهدي حين الإحلال من العمرة بمكة ويخالف ذلك في هدايا أزواجه رضي الله عنهن بذبحها يوم النحر، بل يظهر من هذا موافقة حديث جابر الذي نحن بصدد الكلام في دلالته لسائر الأحاديث في أن ذبح الهدايا ليس إلا يوم النحر. فتكون الفتوى حينئذ بجواز تقديم ذبح دم المتعة على يوم النحر قد اجتمع فيها محذوران.
" أحدهما ": مخالفة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
" الثاني " تسبيب الثقاق والنزاع. ولا يخفى أن الشريعة المطهرة ترمي إلى اجتماع القلوب واتحاد القول والعمل في مواطن لا تحصى