وأما" الحديث الثاني ": وهو ما أخرجه الحاكم، فليس فيه حجة على جواز التقديم من وجهين:
" أحدهما " أن هذا الحديث لا يخالف ما دلت عليه أحاديث الباب، فنه اشتمل على أمر النبي صلى الله عليه وسلم أولئك الصحابة رضي الله عنهم بعدة أوامر (أحدها) : فسخ الحج إلى العمرة.
(الثاني) : أمره من وجد الهدي منهم أن يهدي. (الثالث) : أمره من لم يجد هدياً بأن يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله. ولا يلزم من كونه أمرهم بذلك أن يكون الذبح قبل يوم النحر، كما لا يلزم من قول جابر في هذا الحديث:" كنا ننحر الجزور عن سبعة " أن يكون ذلك قبل يوم النحر، كما أنه ليس في قوله: قال عطاء قال ابن عباس: " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم يومئذ في أصحابه غنماً " إلى آخره ما يدل على أن ذبح سعد للتيس عن نفسه قبل يوم النحر، وذلك لعدم التصريح فيه ببيان الوقت والمكان، وقد جاء فيما رواه الإمام أحمد في مسنده بسند صحيح ما يبين زمن ذبح سعد لذلك التيس ومكانه، فقال الإمام أحمد: حدثنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج، قال: أخبرني عكرمة مولى ابن عباس، زعم أن ابن عباس أخبره، أن النبي صلى الله عليه وسلم قسم غنماً يوم النحر في أصحابه، وقال:" اذبحوها لعمرتكم فإنها تجزي " فأصاب سعد بن أبي وقاص تيساً.
وبهذا انكشفت الشبهة، واتضح أن لا حجة فيما استدل به على ما زعمه.
" الوجه الثاني " أن الحاكم رحمه الله وإن صححه وعلم عليه بعلامة شرط مسلم فإن عنده من التساهل في التصحيح ما هو معلوم